Mukhtarat Qisasiyya Li Yukiyo Mishima
البحر والغروب وقصص أخرى: مختارات قصصية ليوكيو ميشيما
Genres
كانت أشجار الكرز توجد في جميع أرجاء الحديقة، أزهار الكرز الكاملة التفتح كانت متواصلة من فرع إلى فرع في كتل بيضاء، تحت سماء غائمة هادئة منعدمة الرياح في تلك الليلة. وبدت كما لو كانت كتلا صلبة قد تجمدت تتدافع مع بعضها البعض. وقد انطفأت المصابيح الورقية المعلقة بين الأشجار. وبديلا عنها أنيرت بضوء خافت، مصابيح كهربائية عارية باللون الأحمر، والأصفر، والأخضر تحت أشجار الكرز.
ولأن الوقت قد تجاوز الساعة العاشرة مساء بوقت طويل، كان عدد مشاهدي زهور الكرز قليلا. كانت النفايات الورقية ملقاة هنا وهناك في أرضية الحديقة. وعندما يمر أحدهم بجوارها صامتا، تسمع توشيكو فجأة صوت سحق تلك الأوراق، أو صوت تدحرج قناني البيرة الزجاجية. «ورق الجرائد ... ورق الجرائد الملطخة بالدماء ... تلك الولادة البائسة ... لو علم ما حدث له؛ فلا شك أن حياة ذلك الإنسان كلها ستنهار وتصبح هباء منثورا. لماذا يجب علي أنا، الاستمرار في حمل سر كبير ومهم كهذا، يخص إنسانا لا علاقة ولا قرابة لي به؟!»
من خلال تلك الأفكار تناست توشيكو جبنها المعهود دوما، ولأن من يمرون أمامها هم في الأغلب يكونون زوجا من رجل وامرأة صامتين، فلم يكن يوجد من يتعرض لها بشر. كان هناك رجل وامرأة يجلسان على إحدى المقاعد الحجرية المواجهة للخندق، لا ينظران إلى أزهار الكرز، ولكنهما يتأملان خندق الماء في صمت.
كان الخندق قاتما مسودا، وكان الظلام الكثيف يلف سطح الماء. تقف أشجار القصر الإمبراطوري وراء الخندق سوداء مرتفعة، ولا يوجد أي اختلاف أو حدود بينها وبين السماء ذات الغيوم الكئيبة.
مشت توشيكو ببطء تحت الأزهار في الطريق المظلمة، وأحست بثقل الأزهار التي فوق رأسها.
رأت شيئا بلون أبيض على أحد المقاعد على أقصى طرف المقاعد الحجرية العديدة الموجودة. لم يكن ذلك مجرد كومة من أوراق زهور الكرز المتساقطة، وليس أيضا كسرا في المقعد الحجري ظهر منه قلبه الأبيض. توجهت توشيكو نحو ذلك المقعد.
كان ظل أسود ينام على المقعد البعيد.
من خلال رؤية ورق الجرائد التي فرشت حوله؛ عرفت أنه ليس مجرد سكير دفعه السكر للنوم في الطريق. وكان ورق الجرائد هو الشيء الأبيض الذي بدا لها من بعيد.
كان النائم رجلا ذا معطف بني اللون ينام على جنبه متكور الجسد فوق المقعد الحجري بعد أن فرش تحته عدة طبقات من ورق الجرائد القديمة. ربما كان ذلك هو سكنه الدائم بعد دخول فصل الربيع.
بدون وعي توقفت توشيكو عن السير أمامه. فلا عجب أن هذا الرجل النائم الملفوف في ورق الجرائد، قد جعلها تتذكر على الفور منظر الرضيع الملفوف بقماط بائس، وقد ترك على الأرض.
Unknown page