Muharribu Kutub Tumbuktu
مهربو كتب تمبكتو: السعي للوصول إلى المدينة التاريخية والسباق من
Genres
كم تبدلت من هذه المدينة الجميلة!
وفي نهاية القصيدة، قال: «القمر/قد سقط من سماء الليل، وكل شيء صار ظلاما!»
الفصل السابع
قائمة إسماعيل
أبريل 2012
بدا الأمر وكأن تمبكتو قد قصفت بالورق . خارج كل مبنى حكومي - مبنى البلدية، ومبنى المحافظة، والبنوك - فرش بساط من وثائق مكتوبة بالآلة الكاتبة، أو مطبوعة، أو مكتوبة بخط اليد، إنجازات مائة عام من البيروقراطية الحكومية. كان الإداريون قد عملوا منذ أزمنة الاستعمار على جمع تفاصيل لكل جانب من جوانب الحياة في تمبكتو، لكن الثوار، أثناء تحطيمهم لمكاتب المدينة، كانوا قد سحبوا الملفات من كل رف وخزانة ورموها في الطرقات والأزقة، حيث طرحت لتداس بالأقدام. في أحد الأيام مر إسماعيل ديادي حيدرة، بالقرب من المدخل الجنوبي للمدينة، من كثيب رملي مغطى بأوراق أخذت الريح الساخنة تقلبها. تذكر حوداي آغ محمد، الذي كان هو نفسه مسئولا حكوميا لأمد طويل قائلا: «انكشفت دخيلة المدينة أمام الجميع. كانت أسرارها التي أحيطت بكتمان شديد ملقاة في الشوارع.» ولأولئك الذين رأوا العالم من خلال المخطوطات، كان هذا نذيرا بما قد يأتي.
بعد رحلته الطويلة بالسيارة إلى الشمال، بقي حيدرة مع زوجته وأطفاله الخمسة في بيتهم في هامابانجو. أثناء تلك الأيام أمضى جل وقته في مكالمات هاتفية، يتحدث مع أصدقائه وزملائه، ومن وقت لآخر مع صحفيين أيضا. قال لمراسل لصحيفة «لوبوان» إنه منذ وصول الجهاديين كانت الفوضى في المدينة قد أصبحت إلى حد كبير تحت السيطرة. لم يكن قد حدث بعد أي تهديد خطير للمكتبات، لكن هذه الأوقات كانت أوقاتا مضطربة؛ وقال: «تكمن المشكلة في أننا لا نعرف حقا ما يحدث، فضلا عن أن ما نعرفه عما ستأتي به الأيام القادمة أقل.»
كان قلق متزايد يساور منظمات العناية بالتراث خارج مالي. في يوم الثلاثاء، الموافق الثالث من أبريل، اليوم التالي لاستيلاء جماعة أنصار الدين على مقاليد الأمور، أصدرت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو، تحذيرا بشأن مباني المدينة التاريخية، قائلة: «إن عجائب الهندسة المعمارية المصنوعة من الطوب اللبن في تمبكتو التي تتضمن مساجد جينجربر، وسانكوري وسيدي يحيى العظيمة يجب أن تصان.» واصفة المدينة بأنها «أساسية للحفاظ على هوية الشعب المالي وتراثنا العالمي.» وتوقع آخرون وجود خطر كبير على المخطوطات. قال شاميل جيبي، رئيس مشروع مخطوطات تمبكتو التابع لجامعة كيب تاون: «ليس لدي ثقة في المتمردين.» ثم أضاف: «ربما يكون القائمون على قيادتهم من المتعلمين، لكنهم يرسلون جنودا يتصفون بالجهل وإذا رغبوا في شيء فسيأخذونه ... لن يكون لديهم أي احترام للثقافة الورقية.»
في ذلك الوقت بدأت عريضة أطلقتها مجموعة من واحد وخمسين فردا من كبار الباحثين ومديري المكتبات تكتسب زخما على الإنترنت. اجتذبت العريضة، الداعية إلى حماية المخطوطات خشية أن يتعرض جانب مهم من ذاكرة العالم «للانمحاء»، أسماء أكثر من 1500 أكاديمي من جامعات في أربع وسبعين دولة، من ضمنها ييل، وهارفرد، وأكسفورد، وكمبريدج، والسوربون. أما رئيس معهد أبحاث غرب أفريقيا، فحذر من أن الوثائق الثمينة قد تباع بطريقة غير قانونية أو تتعرض للإتلاف على أيدي المحتلين. وقال الباحث حمادي بوكوم: «هذه المخطوطات ظلت باقية عبر العصور بفضل نظام علماني.» ثم أردف: «وبوصول الإسلاميين، اختل ذلك النظام العلماني، وصارت تلك الثقافة في خطر.»
كان إسماعيل هو الآخر قلقا بشأن نهاية النظام العلماني. شكل تنظيم القاعدة منذ أمد طويل تهديدا لمعلمي اللغة الفرنسية في مالي، وكان النظام التعليمي أحد الأهداف الأولى لبرنامج الأسلمة الذي اتبعته جماعة أنصار الدين. أصدر الجهاديون أوامر بفصل الأولاد عن البنات، ولكن لم يكن يوجد ما يكفي من المعلمين الباقين للتدريس للفصول الإضافية، فبقيت المدارس مغلقة. وأعلن أيضا حظر تدريس الفلسفة، وهو ما وجد إسماعيل أنه يمثل تهديدا شخصيا له؛ لأنه حسب علمه كان هو الوحيد في المدينة الذي كان يدرسها. كان لديه مكتبة كبيرة من الكتب المطبوعة المكرسة لهذه المادة، ومن بينها أعمال لأفلاطون وأرسطو وسينيكا وسبينوزا ودي مونتين، وكان يعرف أن الجهادي ذا اللحية الحمراء، حماها، كان على علم بوجودها لأنه هو وشقيقه الأكبر، الذي كان صديقا للعائلة، كانا قد اعتادا على أن يأتيا لقراءة تلك الكتب.
Unknown page