المغْني
لمُوَفَّق الدين أبي محمد عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن قُدامة
المقْدسيّ الجَمَّاعِيليّ الدِّمَشْقيّ الصَّالحِيّ الحَنْبَلِيّ
(٥٤١ - ٦٢٠ هـ)
تحقيق
الدكتور
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي
الدكتور
عبد الفتاح محمد الحلو
الجزء الأول
دَار عَالَم الكُتبُ
للطباعة والنشر والتوزيع
الرياض
تقديم / 1
المغْني
تقديم / 2
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٠٦ هـ = ١٩٨٦ م
الطبعة الثانية
١٤١٢ هـ = ١٩٩٢ م
الطبعة الثالثة
١٤١٧ هـ = ١٩٩٧ م
مصححة، منقحة
دَار عَالَم الكُتب
للطباعة والنشر والتوزيع
العليا - غرب مؤسسة التحلية - ت: ٤٦٥١٦٨٩/ ٤٦٣١٧٢٢
ص. ب ٦٤٦٠ - الرياض ١١٤٤٢ - تليفاكس: ٤٦٣١٣٣٦
المملكة العربية السعودية
تقديم / 3
المغْني
تقديم / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد؛ فإن اللَّه ﷿ أراد بهذه الأمة خيرا، حين قَيَّض لها أئمة هداة صالحين، جعلوا نُصْبَ أعينهم قولَ المصطفى ﷺ: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّين" (١). وقد لقى الفقه الإِسلامى من عناية هؤلاء النَّفر من العلماء وحرصهم ودأبهم وإخلاصهم، ما يسَّر اللَّه به لكل ذى حاجة طلبها، ولكل ذى مسألة جوابها، وكان مما برع فيه فقهاء الإِسلام تأليف المتون، في كل مذهب من المذاهب، تيسيرا على شادى العلم، وتقييدا له، بحفظه وضمِّ الصدور عليه، وإحكاما لمسائله. وكان أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد اللَّه الخِرَقِىُّ (٢)، المتوفى سنة ٣٣٤ هـ،
_________
(١) أخرجه البخاري، في: باب العلم قبل القول والعمل، من كتاب العلم، وفى: باب قول اللَّه تعالى: ﴿فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾، من كتاب الخمس، وفى: باب قول النبي ﷺ: لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، من كتاب الاعتصام. صحيح البخاري ١/ ٢٧، ٤/ ١٠٣، ٩/ ١٢٥. ومسلم، في: باب النهى عن المسألة من كتاب الزكاة، وفى: باب قوله ﷺ: لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٢/ ٧١٨، ٧١٩، ٣/ ١٥٢٤. والترمذي، في: باب إذا أراد اللَّه بعبد خيرا فقهه في الدين، من أبواب العلم. عارضة الأحوذى ١٠/ ١١٤. وابن ماجه، في: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، من المقدمة. سنن ابن ماجه ١/ ٨٠. والدارمى، في: باب الاقتداء بالعلماء، من المقدمة، وفى: باب من يرد اللَّه به خيرا يفقهه في الدين، من كتاب الرقاق. سنن الدرامى ١/ ٧٤، ٢/ ٢٩٧. والإمام مالك في: باب جامع ما جاء في أهل القدر، من كتاب القدر. الموطأ ٢/ ٩٠١. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٣٠٦، ٢/ ٢٣٤، ٤/ ٩٢، ٩٥ - ٩٩، ١٠١.
(٢) ترجم ابن قدامة للخرقى، في مقدمة هذا الكتاب، في صفحتى ٦، ٧، وتجد ترجمة الخرقى أيضًا، في: تاريخ بغداد ١١/ ٢٣٤، طبقات الفقهاء، للشيرازي ١٧٢، الأنساب ٥/ ٩٢، ٩٣، المنتظم ٦/ ٣٤٦، اللباب ١/ ٣٥٧، وفيات الأعيان ٣/ ٤٤١، سير أعلام النبلاء ١٥/ ٣٦٣، تذكرة الحفاظ ٣/ ٨٤٧، العبر ٢/ ٢٣٨، دول الإِسلام ١/ ٢٠٨، البداية والنهاية ١١/ ٢١٤، النجوم الزاهرة ٣/ ٢٨٩، طبقات الحنابلة ٢/ ٧٥ - ١١٨، مفتاح السعادة ٢/ ١٠٦، ١٠٧، كشف الظنون ٤٤٦، ١٤١٥، ١٦٢٦، شذرات الذهب ٢/ ٣٣٦، ٣٣٧، تاريخ الأدب العربى، لبروكلمان (الترجمة العربية) ٣/ ٣١٤، تاريخ التراث العربى، للدكتور سزكين (الترجمة العربية) ١/ ٣/ ٢٣٥، ٢٣٦.
تقديم / 5
صاحب سبق في هذا المضمار، فقد استطاع في "مختصره" أن يجمع في إحكام مذهب الإِمام أبى عبد اللَّه أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى، وأن يتقن سَوْق مسائله في يسر واختصار، مما جعله المتن المعتمد في المذهب، فالتفَّت القلوب حوله، واتجهت النفوس إليه؛ حفظا، ودراسة، وشرحا (١).
وكان ممَّن يسَّر اللَّه له شرح هذا "المختصر" الشيخ الإمام مُوفَّق الدين أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن قُدامة بن مِقْدام بن نصر المَقْدِسِىُّ الجَمَّاعِيلىُّ ثم الدِّمَشْقِىُّ الصَّالِحِىُّ الحَنْبَلِىُّ (٢). وسمَّى كتابه "المغنى"، الذي قال فيه رفيقه، وخليفته في رئاسة المذهب بعده، ناصح الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الواحد الأنصاري، ابن الحنبلى، المتوفى سنة ٦٣٤ هـ، على ما نقله ابن رجب: بلغ الأمل في إتمامه، وهو كتاب بليغ في المذهب، عشر مجلدات، تعب عليه، وأجاد فيه، وجمَّل به المذهب. ونقل ابن رجب عن الحافظ ابن الدبيثى أن
_________
(١) انظر شروحه في: تاريخ التراث العربى ١/ ٣/ ٢٣٦.
(٢) ترجمته في: مرآة الزمان، لسبط ابن الجوزى ٨/ ٦٢٧ - ٦٣٠، ذيل الروضتين، لأبي شامة ١٣٩ - ١٤٢، التقييد، لابن نقطة، الورقة ١٣٢، تكملة وفيات النقلة، للمنذرى ٥/ ١٥٨، ١٥٩، معجم البلدان، لياقوت ٢/ ١١٣، ١١٤، سير أعلام النبلاء، للذهبى ٢٢/ ١٦٥ - ١٧٣، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثى، له ٢/ ١٣٤، ١٣٥، العبر، له ٥/ ٧٩، ٨٠، دول الإِسلام، له ٢/ ١٢٤، الوافى بالوفيات، للصفدى ١٧/ ٣٧ - ٣٩، البداية والنهاية، لابن كثير ١٣/ ٩٩ - ١٠١، مرآة الجنان، لليافعى ٤/ ٤٧، ٤٨، فوات الوفيات، لابن شاكر ٢/ ١٥٨، ١٥٩، ذيل طبقات الحنابلة، لابن رجب ٢/ ١٣٣ - ١٤٩، النجوم الزاهرة، لابن تغرى بردى ٦/ ٢٥٦، عقد الجمان، للعينى ١٧/ الورقة ٤٤٠، ذيل التقييد، للفاسى، الورقة ١٧٠. القلائد الجوهرية، في تاريخ الصالحية، لابن طولون ٢/ ٣٤٠ - ٣٤٤، كشف الظنون، لحاجى خليفة ٣٤٣، ٨٢٨، ٩٢٤، ١١٦٤، ١٣٧٨، ١٤٠٦، ١٤١٥، ١٤١٦، ١٤٢٠، ١٦٢٦، ١٧٥٠، ١٧٥١، ١٨٠٩، إيضاح المكنون، لإِسماعيل باشا البغدادي ١/ ٧٠، ٥٤٤، ٢/ ٢٤١، ٥٨٩، هدية العارفين، له ١/ ٤٥٩، ٤٦٠، التاج المكلل، للقنوجى ٢٢٩ - ٢٣١، تاريخ الأدب العربى لبروكلمان ٦٨٨،: S ١.٣٩٨: G ١ ٦٨٩، تاريخ التراث العربى، للدكتور فؤاد سزكين (الترجمة العربية) ١/ ٣/ ٢٣٦.
وقد أفرد الضياء المقدسى الحافظ سيرة شيخه الموفق في جزأين، وكذلك أفردها الحافظ الذهبي، وكان اعتماد المؤرخين في ترجمته على ما كتبه الضياء، وما سجله الحافظ ابن الدبيثى، وأبى المظفر سبط ابن الجوزى. ومن الدراسات المحدثة ما كتبه الشيخ عبد القادر بدران، في مقدمة المغنى والشرح الكبير، وكتاب ابن قدامة وآثاره الأصولية، للدكتور عبد العزيز بن عبد الرحمن السعيد.
تقديم / 6
الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يستعير المُحَلَّى والمُجَلَّى لابن حزم، ويقول: ما رأيت في كتب الإِسلام في العلم مثل المحلى والمجلى، وكتاب المغنى للشيخ موفق الدين ابن قدامة، في جودتها، وتحقيق ما فيها. كما نقل عنه قوله: لم تطب نفسى بالفتيا حتى صار عندى نسخة المغنى.
ولد موفَّق الدين بجَمَّاعِيل، من عمل نابلس، سنة إحدى وأربعين وخمسمائة فى شعبان، وقدم دمشق مع أهله، حيث هاجر مع أهل بيته وأقاربه، وله عشر سنين، فقرأ القرآن، وحفظ "مختصر الخرقى" وقرأ على مشايخها، ثم رحل إلى بغداد هو وابن خالته الحافظ عبد الغنى بن عبد الواحد بن على المقدسى، سنة إحدى وستين، وأقاما أربع سنوات، أتقنا خلالها الفقه والحديث والخلاف، أقاما أولا عند الشيخ عبد القادر بن عبد اللَّه الجِيلىّ الحنبلىّ، ثم أقاما عند ابن الجَوْزِىّ، ثم انتقلا إلى رباط النعَّال، واشتغلا على ابن المَنِّىّ. وعاد الموفق مرة أخرى إلى بغداد، سنة سبع وستين، ومعه عماد الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الواحد بن على المقدسى فأقاما سنة، وحج سنة ثلاث وسبعين فسمع بمكة.
ونقل ابن رجب، عن ناصح الدين الحنبلىّ، أن الموفق حج سنة أربع وسبعين، ورجع مع وفد العراق إلى بغداد، وأقام بها سنة، فسمع درس ابن المَنِّىّ. قال [أي ناصح الدين]: وكنت أنا قد دخلت بغداد، سنة اثنتين وسبعين، واشتغلنا جميعًا على الشيخ أبى الفتح ابن المَنِّىّ، ثم رجع إلى دمشق، واشتغل بتصنيف كتاب المغنى.
وفى دمشق تصدر الموفق في جامع دمشق مدة طويلة. ويذكر أبو شامة أن الموفق بعد موت أخيه أبى عمر، هو الذي يؤم بالناس بالجامع المظفرى، ويخطب يوم الجمعة إذا حضر، فإن لم يحضر فابنه عبد اللَّه بن أبي عمر [أي ابن أخى الموفق] هو الخطيب، وإمام محراب الحنابلة بجامع دمشق، فيصلى فيه الموفق إذا كان في البلد، وإذا مضى إلى الجبل صلى العماد أخو عبد الغنى، وبعد موت العماد كان يصلى فيه أبو سليمان عبد الرحمن بن الحافظ عبد الغنى ما لم يحضر الموفق.
وزاد ابن كثير: وكان يتنفل بين العشاءين بالقرب من محرابه، فإذا صلى العشاء انصرف إلى منزله بدرب الدّولَعِىّ بالرصيف، وأخذ معه من الفقراء من تيسر،
تقديم / 7
يأكلون معه من طعامه، وكان منزله الأصلى بقاسيون، فينصرف بعض الليالى بعد العشاء إلى الجبل.
وذكر الذهبي أن الموفق بقى يجلس زمانا بعد الجمعة للمناظرة، ويجتمع إليه الفقهاء، وكان يُشْغِل إلى ارتفاع النهار، ومن بعد الظهر إلى المغرب، ولا يضجر، ويسمعون عليه، وكان يقرىء في النحو، وكان لا يكاد يراه أحد إلا أحبه. زاد ابن رجب: وربما قرأ عليه بعد المغرب وهو يتعشى.
قال الصفدى: وكان أوحد زمانه، إماما في علم الخلاف والفرائض والأصول والفقه والنحو والحساب والنجوم السيارة والمنازل، واشتغل عليه الناس مدة بـ "الخرقى"، و"الهداية"، ثم بـ "مختصر الهداية" الذي له بعد ذلك، واشتغلوا عليه بتصانيفه.
وكان الشيخ الموفق شديد الاحتمال للأذى، ولا يناظر أحدًا إلا وهو يتبسم، وقيل: إنه ناظر ابن فضلان الشافعي الذي كان يضرب به المثل في المناظرة، فقطعه.
ونقل الذهبي عن الضياء المقدسى: سمعت المفتى أبا بكر محمد بن معالى بن غنيمة يقول: ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفّق.
أما صفاته الخَلْقية فقد كان، ﵀، تامّ القامة، أبيض، مشرق الوجه، أدْعج، كأن النور يخرج من وجهه لحسنه، واسع الجبين، طويل اللحية، قائم الأنف، مقْرون الحاجبين، صغير الرأس، لطيف اليدين والقدمين، نحيف الجسم، ممتعا بحواسِّه.
وكان ذكيًّا، حسن التصرُّف، حُكِىَ عنه أنه كان يجعل في عمامته ورقة مصرورة، فيها رمل، يُرَمِّل به ما يكتبه للناس من الفتاوى والإِجازات وغيرها، فاتفق ليلة خُطِفتْ عمامتُه، فقال لخاطفها: يا أخى، خُذْ من العمامة الورقة المصرورة بما فيها، ورُدَّ العمامة أغطِّى بها رأسى، وأنت في أوْسع الحِلِّ مما في الورقة. فظن الخاطف أنها فضة، ورآها ثقيلة، فأخذها، وردَّ العمامة، وكانت صغيرة عتيقة، فرأى أخْذَ الورقة خيرا منها بدرجات، فخلَّص الشيخ عمامته بهذا الوجه اللطيف.
قال ضياء الدين المقدسى: وسمعت البهاءَ يصفه بالشجاعة، وقال: كان يتقدَّم إلى العدو، وجُرِح في كفِّه، وكان يُرامِى العدو.
تقديم / 8
وقال: وكان يصلِّى بخشوع، ولا يكاد يصلى سنة الفجر والعشاءين إلا في بيته، وكان يصلى بين العشاءين أربعا بـ "السجدة" و"يس" و"الدُّخان" و"تبارك"، لا يكاد يُخِلُّ بهنّ، ويقوم السَّحرَ بسُبْع، وربما رفع صوته، وكان حسن الصوت.
وجاءه مرة الملك العزيز ابن العادل يزوره، فصادفه يصلى، فجلس بالقرب منه إلى أن فرغ من صلاته، ثم اجتمع به، ولم يتجوز في صلاته.
أما عقيدته، فيقول عنه سبط ابن الجوزى: وكان صحيح الاعتقاد، مُبْغِضا للمشبهة، وقال: من شرط التشبيهات أن نرى الشيء ثم نُشبِّهُه، مَن رأى اللَّه تعالى حتى يُشبِّهه لنا! ! قلت: قوله: من رأى اللَّه حتى يشبهه لنا. كلام حسن، في غاية الجودة؛ لأن الذي رآه بعينى رأسه قال: رأيت ربِّى. وسكت عن التشبيه، فيسعنا ما وسعه (١).
ويقول ابن رجب: ولم يكن يرى الخوض مع المتكلمين في دقائق الكلام، وكان كثير المتابعة للمنقول في باب الأصول وغيره، لا يرى إطلاق ما لم يؤثر من العبارات، ويأمر بالإِقرار والإِمرار لما جاء في الكتاب والسنة من الصفات، من غير تفسير (٢) ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تحريف، ولا تأويل ولا تعطيل.
وله نظم كثير حسن، وقيل: إن له قصيدة في عَوِيص اللغة طويلة، وله مقطعات من الشعر؛ فمن شعره قوله (٣):
أتَغْفُلُ يا ابنَ أحمدَ والمَنايا ... شَوارِعُ يَخْتَرِمْنَكَ عن قريبِ
أغَرَّك أن تَخَطَّتْك الرَّزايا ... فكم للموتِ مِن سَهمٍ مُصيبِ
كُئوسُ الموتِ دائرَةٌ علينا ... وما للمرء بُدٌّ مِن نصيبِ
إلى كم تجعلُ التَّسْويفَ دَأْبًا ... أما يكْفيكَ إنْذارُ المَشيبِ
أما يكْفيك أنَّك كلَّ حينٍ ... تَمُرُّ بقَبْرِ خِلٍّ أو حبيبِ
كأنَّك قد لحقْتَ بهم قريبًا ... ولا يُغْنيك إفراطُ النَّحِيبِ
_________
(١) انظر كلام أبى شامة في عقيدته، في ذيل الروضتين ١٣٩، ورد الذهبي عليه في سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٧١، ١٧٢.
(٢) كذا وردت. ولعلها: "تشبيه".
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤١.
تقديم / 9
ومنه (١):
لا تَجْلِسَنَّ ببابِ مَن ... يأْبَى عليك دخولَ دارِهْ
ويقول: حاجاتى إليـ ... ـهِ يعُوقُها إن لم أُدارِهْ
واتْرُكْه واقْصِدْ ربَّها ... تُقْضَى وربُّ الدارِ كارِهْ
ومنه (٢):
أبعدَ بياضِ الشَّيْبِ أعْمُرُ مَسْكنًا ... سوى القبرِ إنِّي إن فعلتُ لأحْمَقُ
يُخَبِّرنى شَيْبِى بأنِّىَ مَيِّتٌ ... وَشِيكًا وينْعانِى إلىَّ فيصْدُقُ
تخرَّق عُمْرِى كلَّ يومٍ وليلةٍ ... فهل أستطيعُ رَقْعَ ما يتخرَّقُ
كأنِّى بجسمى فوق نَعْشِى مُمَدَّدًا ... فمِن ساكتٍ أو مُعْوِلٍ يتحرَّقُ
إذا سُئِلُوا عنِّى أجابوا وأعْوَلُوا ... وأدْمُعُهم تنهَلُّ: هذا المُوَفَّقُ
وغُيِّبْتُ في صَدْعٍ من الأرضِ ضَيِّقٍ ... وأوُدِعْتُ في لَحْدٍ به التُّرْبُ مُطْبِقُ
ويحْثُو علىَّ التُّرْبَ أوْثَقُ صاحبٍ ... ويُسْلِمنى للتُّرْبِ مَن هو مُشْفِقُ
فيا ربِّ كُنْ لِى مُؤْنسًا يومَ وَحْشَتِى ... فإنِّى بما أنْزَلْتَهُ لَمُصَدِّقُ
وما ضَرَّنى أنِّى إلى اللهِ صائِرٌ ... ومَن هو مِن أهْلِى أبَرُّ وأرْفَقُ
تزوج الموفق ابنة عمه مريم بنت أبى بكر بن عبد اللَّه بن سعد المقدسى، ورُزِق منها بأبى المجد عيسى، وأبى الفضل محمد، وأبى العز يحيى، وصفية، وفاطمة، ومات أولاده الثلاثة في حياته، ولم يعقب مِن ولد الموفَّق سوى عيسى، خلَّف ولدين صالحين، وماتا وانقطع عقبه. ثم تسرَّى الموفّق بجارية، ثم بأخرى، ثم تزوَّج عِزِّيَّةَ، فماتت قبله.
وكانت وفاته يوم السبت، يوم الفطر، سنة عشرين وستمائة، ودُفِن من الغد بجبل قاسيون، خلف الجامع المظفَّرىّ، في مقبرتهم المشهورة، ورثاه صلاح الدين
_________
(١) ذيل الروضتين ١٤١، ١٤٢، وذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤٢، وشذرات الذهب ٥/ ٩٢.
(٢) مرآة الزمان ٨/ ٦٣٠، ذيل الروضتين ١٤١، البداية والنهاية ١٣/ ١٠٠، ١٠١، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤١، ١٤٢. شذرات الذهب ٥/ ٩١.
تقديم / 10
أبو عيسى موسى بن محمد بن خلف بن راجح المقدسى بقصيدة له، يقول فيها (١):
لم يَبْقَ لي بعدَ الموفَّقِ رغبةٌ ... في العيشِ إنَّ العَيشَ سَمٌّ مُنْقَعُ
صدرُ الزمانِ وعينُه وطِرازُهُ ... ركنُ الأنامِ الزَّاهدُ المتوَرِّعُ
* * *
تلقَّى الموفَّقُ العلم على علماء عصره؛ بدمشق، وبغداد، ومكة، والموصل. وصنع لنفسه مشيخة حافلة، وهذا ذكر مَن عرفْناه على حروف المعجم:
١ - أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع الجِيلِىّ ثم البغدادىّ الحافظ، وكان أحد العلماء المُعَدَّلين، والفضلاء المحدِّثين، توفى سنة خمس وستين وخمسمائة (٢).
وسمع منه ببغداد (٣). قال الموفَّق: كان إماما في السنة، ثقة، حافظا، يقرأ قراءة مليحة بصوت رفيع (٢).
٢ - أبو المعالى أحمد بن عبد الغنى بن محمد بن عمر بن حنيفة الباجِسْرائِىّ (٤)، كان ثقة، توفى سنة ثلاث وستين وخمسمائة (٥). سمع منه ببغداد (٦).
٣ - أحمد بن محمد الرَّحْبِىّ. سمع منه ببغداد (٧).
٤ - أحمد بن محمد بن قُدامة المقْدسىّ، والدُه. سمع منه بدمشق، سنة نَيِّف وستين (٨).
٥ - أبو بكر أحمد بن المُقَرَّب بن الحسين البغدادىّ الكَرْخِىّ المُسْنِد، كان ثقة،
_________
(١) انظر الأبيات في: ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤٣، ١٤٤.
(٢) العبر ٤/ ١٩٠، سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٧٢، ٥٧٣.
(٣) ذيل الروضتين ١٤٠، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٤) باجسرا: بليدة في شرقى بغداد، بينها وبين حلوان، على عشرة فراسخ من بغداد. معجم البلدان ١/ ٤٥٤.
(٥) العبر ٤/ ١٨٠.
(٦) معجم البلدان ٢/ ١١٤.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٨) ذيل الروضتين ١٤١، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣، النجوم الزاهرة ٦/ ٢٥٦.
تقديم / 11
متوددا، توفى سنة ثلاث وستين وخمسمائة (١). سمع منه ببغداد (٢).
٦ - حَيْدرة بن عمر العلوىّ. سمع منه ببغداد (٣).
٧ - خديجة بنت أحمد بن الحسن النَّهْرَوانِيَّة، كانت صالحة، وتوفيت في رمضان، سنة سبعين وخمسمائة (٤). سمع منها ببغداد (٥).
٨ - أبو الحسن سعد اللَّه بن نصر بن الدَّجاجِىّ. سمع منه ببغداد (٦).
٩ - شهدة بنت أحمد بن الفرج الدِّينَوَرِيَّة، الكاتبة، المُسْنِدة، فخر النساء، وصارت مُسنِدةَ العراق، توفيت سنة أربع وسبعين وخمسمائة (٧). سمع منها ببغداد (٨).
١٠ - أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسىّ، المتوفى سنة ست وستين وخمسمائة (٩) سمع منه ببغداد (١٠).
١١ - جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن على بن محمد، ابن الجَوْزِىّ، البغدادىّ، الحنبلىّ، الواعظ، صاحب التصانيف، توفى سنة سبع وتسعين وخمسمائة (١١). أقام عنده ببغداد بعد إقامته عند عبد القادر الجيلى، وسمع منه (١٢). قال الموفَّق: كان ابنُ الجوزىّ إمامَ عصره في الوعظ، وصنَّف في
_________
(١) العبر ٤/ ١٨٠، ١٨١، سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٧٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٣) المصدر السابق.
(٤) العبر ٤/ ٢١٠.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٦) ذيل الروضتين ١٤٠، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٧) العبر ٤/ ٢٢٠.
(٨) ذيل الروضتين ١٤٠، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٢.
(٩) العبر ٤/ ١٩٢، ١٩٣.
(١٠) ذيل الروضتين ١٤١، مرآة الزمان ٨/ ٦٣٠، معجم البلدان ٢/ ١١٤، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(١١) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٣٦٥ - ٣٨٤، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٩٩ - ٤٣٣.
(١٢) ذيل الروضتين ١٤١، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٨.
تقديم / 12
فنون العلم تصانيف حسنة، وكان صاحب قبول، وكان يدرِّس الفقه ويصنِّف، وكان حافظا للحديث، وصنَّف فيه، إلا أننا لم نَرْضَ تصانيفه في السُّنَّة، ولا طريقته فيها (١).
١٢ - محيى الدين أبو محمد عبد القادر بن عبد اللَّه بن جنكى الجِيلِىّ الحنبلىّ، شيخ بغداد، توفى سنة إحدى وستين وخمسمائة (٢). نزل الموفَّق عنده بمدرسته أول قدومه بغداد، قبل وفاته بأربعين يوما، وقرأ عليه من "الخِرَقىّ" (٣).
١٣ - أبو محمد عبد اللَّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد، ابن الخَشَّاب، البغدادىّ، العلَّامة، المحدِّث، إمام النحو، توفى سنة سبع وستين وخمسمائة (٤). قرأ عليه ببغداد (٥)، وقال عنه: كان إمام عصره في علم العربية والنحو واللغة، وكان علماء عصره يستفْتُونه فيها، ويسألونه عن مشكلاتها، وحضرتُ كثيرا من مجالسه للقراءة عليه، ولكن لم أتمكَّن من الإِكثار عليه؛ لكثرة الزِّحام عليه، وكان حسن الكلام في السُّنَّة وشَرْحِها (٦).
١٤ - أبو الفضل عبد اللَّه بن أحمد بن محمد الطُّوسِىّ، ثم البغدادىّ، الشافعىّ، خطيب المَوْصِل، توفى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة (٧). سمع منه
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٤١٤، ٤١٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٣٩ - ٤٥١، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٢٩٠ - ٣٠١.
(٣) مرآة الزمان ٨/ ٦٢٩، ذيل الروضتين ١٤١، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، العبر ٥/ ٧٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣، ١٣٤، شذرات الذهب ٥/ ٨٨، وذكر الذهبي في موضع آخر من ترجمته في سير أعلام النبلاء، صفحة ١٦٨، أنه أقام عند الشيخ عبد القادر خمسين ليلة.
(٤) إنباه الرواة ٢/ ٩٩ - ١٠٣، سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٢٣ - ٥٢٨، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣١٦ - ٣٢٣.
(٥) ذيل الروضتين ١٤١.
(٦) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣١٦، ٣١٧.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٨٧ - ٨٩، طبقات الشافعية الكبرى ٧/ ١٩٩.
تقديم / 13
بالمَوْصِل (١). وقال عنه: كان شيخا حسنا، لم نَرَ منه إلَّا الخير (٢).
١٥ - أبو المعالى عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أحمد بن على بن صابر السُّلَمِىّ الدِّمشْقىّ، توفى سنة ست وسبعين وخمسمائة (٣). سمع منه بدمشق (٤).
١٦ - أبو بكر عبد اللَّه بن محمد بن أحمد، ابن النَّقُور، البغدادىّ، المُحدِّث، الثقة، الخَيِّر، توفى سنة خمس وستين وخمسمائة (٥). سمع منه ببغداد (٦).
١٧ - أبو محمد عبد الواحد بن الحسين بن عبد الواحد البارِزِىّ البغدادىّ، كان صالحا، متديِّنا، على طريقة السَّلف، توفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة (٧). سمع منه ببعداد (٨).
١٨ - أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلَّم بن هلال الأزْدِىّ الدِّمشْقىّ، الأمين، المُسْنِد، توفى سنة خمس وستين وخمسمائة (٩). سمع منه بدمشق (١٠).
١٩ - أبو الحسن على بن عبد الرحمن بن محمد الطُّوسِىّ البغدادىّ، ابن تاج القُرَّاء، الزاهد، المُعمَّر، توفى سنة ثلاث وستين وخمسمائة (١١). سمع منه
_________
(١) ذيل الروضتين ١٤١، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦ (وجاء في هذا الموضع الطيبى مكان الطوسى، وهو خطأ لوروده على الصواب في ترجمته من السير)، طبقات الشافعية الكبرى ٧/ ١١٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٨٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٩٣، ٩٤.
(٤) ذيل الروضتين ١٤١، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٩٨، ٤٩٩.
(٦) ذيل الروضتين ١٤١، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٦٨، ٤٦٩.
(٨) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٩) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٩٩، ٥٠٠.
(١٠) ذيل الروضتين ١٤١، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(١١) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٧٨ - ٤٨٠.
تقديم / 14
ببغداد (١)، وقال: سمعْنا منه جزأين يرويهما عن البانياسِىّ (٢).
٢٠ - أبو الحسن على بن عساكر بن المرحّب البَطائحىّ، الضرير، المُقْرىء، تصدَّر للإِقْراء، وأتْقن الفَنَّ، توفى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة (٣). تلا عليه الموفَّقُ في بغداد، بحرف نافع (٤).
فاطمة بنت محمد بن على البَزَّازة = نفيسة
٢١ - أبو محمد المبارك بن على البغدادىّ الحنبلىّ، المحدِّث، الحافظ، المُجاور بمكة، وإمام الحنابلة بالحرم، توفى سنة خمس وسبعين وخمسمائة (٥). سمع منه بمكة (٦).
٢٢ - أبو طالب المبارك بن على بن محمد، ابن خُضَير، البغدادىّ، المُحدِّث، الصادق، المُفِيد، توفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة (٧). سمع منه ببغداد (٨).
٢٣ - أبو المكارم المبارك بن محمد بن المُعمَّر البادَرائِىّ البغدادىّ، الصالح الصَّدُوق، توفى سنة سبع وستين وخمسمائة (٩). سمع منه ببغداد (١٠). وقال عنه: هو شيخ صالح ضعيف، أكثر أوقاته مُسْتلْقٍ على قَفاه، وكان يسألنا عن الصلاة قاعدًا لِعَجْزِه (٩).
_________
(١) ذيل الروضتين ١٤٠. تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٧٩.
(٣) العبر ٤/ ٢١٥.
(٤) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٥) العبر ٤/ ٢٢٦، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٤٦.
(٦) ذيل الروضتين ١٤١، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨٧ - ٤٨٩.
(٨) تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
(٩) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٩٤.
(١٠) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
تقديم / 15
٢٤ - أبو شجاع محمد بن الحسين المادَرائِى (١). سمع منه ببغداد (٢).
٢٥ - أبو الفتح محمد بن عبد الباقى بن أحمد بن سلمان، ابن البَطِّىّ، البغدادىّ، الحاجب، عُمِّر، وتفرَّد، ورُحِل إليه، وروَى شيئا كثيرا، توفى سنة أربع وستين وخمسمائة (٣). سمع منه ببغداد (٤)، وقال عنه: هو شيخُنا، وشيخ أهل بغداد في وقته. . . . وكان ثقة، سهلا في السماع (٥).
٢٦ - أبو حنيفة محمد بن عبيد اللَّه بن على الأصبهانىّ الخَطِيبِىّ الحنفىّ، الفقيه، أمْلَى عدة مجالس، توفى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة (٦). سمع منه ببغداد (٧).
٢٧ - محمد بن محمد بن السَّكَن. سمع منه ببغداد (٧).
٢٨ - أبو أحمد مَعْمَر بن عبد الواحد بن رجاء، ابن الفاخر، القُرشىّ الأصْبَهانىّ، المُعدَّل، له سبع رحلات إلى بغداد، توفى سنة أربع وستين وخمسمائة (٨). سمع منه ببغداد (٧).
٢٩ - ناصح الإِسلام أبو الفتح نصر بن فِتْيان بن مَطَر، ابن المَنِّىّ، النَّهْرَوانىّ، الحنبلىّ، المفتى، شيخ الحنابلة، توفى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة (٩). تلا عليه بحرف أبى عمرو في بغداد (١٠)، ولازمه، وقرأ عليه المذهب والخلاف
_________
(١) نسبة إلى مادَرَايا. قال ابن الأثير: وظَنِّى أنها من أعمال البصرة. اللباب ٣/ ٧٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨١ - ٤٨٤.
(٤) مرآة الزمان ٨/ ٦٢٩ (وفيه: وأبا الفتح محمد بن عبد الباقى وأحمد بن سلمان. خطأ)، ذيل الروضتين ١٤١، تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، معجم البلدان ٢/ ١١٤، العبر ٥/ ٧٩، سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨٢، ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣، شذرات الذهب ٥/ ٨٨.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨٣.
(٦) سير أعلام النبلاء ٢١/ ٤٧، ٤٨، الجواهر المضية ٣/ ٢٤٦، ٢٤٧. وفى السير خطأ: "محمد بن عبد اللَّه".
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٨) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨٥ - ٤٨٧.
(٩) تكلمة وفيات النقلة ١/ ١٠١ - ١٠٤، سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٣٧، ١٣٨، ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٥٨ - ٣٦٥.
(١٠) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
تقديم / 16
والأصول، حتى بَرَع (١)، وقال عنه: شيخنا أبو الفتح كان رجلا صالحا، حسن النِّيّة والتعليم، وكانت له بركة في التعليم، قَلَّ مَن قرأ عليه إلا انتفع، وخرج من أصحابه فقهاء كثيرون، منهم مَن ساد، وكان يقنع بالقليل، وربما يكتفى ببعض قُرْصة، ولم يتزوَّج، وقرأت عليه القرآن، وكان يحبُّنا ويجْبُر قلوبنا، ويظهر منه البِشْرُ إذا سمع كلامَنا في المسائل، ولما انقطع الحافظ عبد الغنىّ عن الدَّرْس؛ لاشتغاله بالحديث، جاء إلينا، وظَنَّ أن الحافظ انقطع لضَيْق صدرِه (٢).
٣٠ - نَفِيسة، وتُسمَّى فاطمة، بنت محمد بن على البَزَّازة البغداديَّة، توفيت سنة ثلاث وستين وخمسمائة (٣). سمع منها ببغداد (٤).
٣١ - أبو القاسم هِبَة اللَّه بن الحسن بن هلال الدَّقَّاق العِجْلِىّ السَّامَرِّىّ، ثم البغدادىّ، الكاتب، شيخ مُعَمَّر، صحيح الرواية، توفى سنة اثنتين وستين وخمسمائة (٥). سمع منه ببغداد (٦)، وقال عنه: هو فيما أظنُّ أقدم مشايخنا سماعا (٥).
٣٢ - أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بُنْدار الدِّينَوَرِىّ البغدادىّ البَقَّال الوكيل، المُسْنِد، توفى سنة ست وستين وخمسمائة (٧). سمع منه ببغداد (٨).
* * *
_________
(١) معجم البلدان ٢/ ١١٤، العبر ٥/ ٧٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٤، شذرات الذهب ٥/ ٨٨.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٦١، ٣٦٢.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٨٩.
(٤) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٧١، ٤٧٢.
(٦) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، العبر ٥/ ٧٩، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣، شذرات الذهب ٥/ ٨٨.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٠٥، ٥٠٦.
(٨) تكملة وفيات النقلة ٥/ ١٥٩، سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٦، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٣٣.
تقديم / 17
وتلقى العلم على الشيخ مُوفَّق الدين جمهرة كبيرة من الدارسين، سمعوا منه الحديث، وتفقهوا عليه، وقرأوا عليه مؤلفاته، ونبغ منهم كثير فأفتوا وتصدروا، ونذكر منهم:
١ - زكىّ الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد المَعَرِّىّ البَعْلِىّ الحنبلىّ، الفقيه الزاهد، توفى سنة إحدى وتسعين وستمائة، عن إحدى وثمانين سنة، حضر عليه، وتفقَّه، وحفظ "المقنع" (١).
٢ - عزّ الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد اللَّه بن محمد المَقْدسىّ الحنبلىّ، الزاهد، خطيب الجبل، وكان فقيها بصيرا بالمذهب، توفى سنة ست وستين وستمائة (٢). سمع منه، وحدَّث عنه (٣).
٣ - تقىّ الدين أبو إسحاق إبراهيم بن على بن أحمد بن فضل الواسِطِىّ الصَّالحىّ الحنبلىّ الحافظ، الفقيه الزاهد، توفى سنة اثنتين وتسعين وستمائة (٤). سمع منه بدمشق، وحدَّث عنه (٥).
٤ - تقىّ الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الأزْهر الصَّرِيفينِىّ الحنبلىّ الحافظ، توفى سنة إحدى وأربعين وستمائة (٦). ذكر ياقوت الحَمَوِىّ، أن أبا إسحاق هذا أخبره أنه آخر من قرأ على الشيخ المُوَفَّق (٧).
٥ - عزّ الدين أحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقْدِسِىّ الصَّالحىّ، الذي يعرف بابن العماد، توفى سنة ثمان وثمانين وستمائة (٨). حدَّث عنه (٩).
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٢٩.
(٢) العبر ٥/ ٢٨٤، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٧٧، ٢٧٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧. والمرجعين السابقين.
(٤) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٢٩ - ٣٣١.
(٥) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧. والذيل، الموضع السابق.
(٦) سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٨٩، ٩٠، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٢٧ - ٢٣٠.
(٧) معجم البلدان ٢/ ١١٤. وورد فيه خطأ: "إبراهيم بن محمد الأزهري الصيرفى".
(٨) العبر ٥/ ٣٥٧، وفيه أنه العماد ابن العماد.
(٩) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧.
تقديم / 18
٦ - شرف الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبيد اللَّه المقْدِسِىّ الصَّالِحِىّ الحنبلىّ الفَرَضِىّ، توفى سنة سبع وثمانين وستمائة، سمع منه، وهو جدُّه لأمه، وعم أبيه (١).
٧ - أبو العبَّاس أحمد بن سلامة بن أحمد النّجَّار الحَرَّانىّ الحنبلىّ، المحدِّث الزاهد، توفى سنة ست وأربعين وستمائة، صحب الشيخ مُوَفَّق الدين، وسمع منه (٢).
٨ - زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدايم بن نِعْمة المقْدسىّ الصَّالحىّ الحنبلىّ، الكاتب، المحدِّث، الخطيب، المُعَمَّر، توفى سنة ثمان وستين وستمائة، تفقَّه عليه (٣)، وحدَّث عنه (٤).
٩ - سيف الدين أبو العباس أحمد بن عيسى بن عبد اللَّه، ابن قُدامة المقْدسىّ الصَّالحىّ الحنبلىّ، المحدِّث، الحافظ، توفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وسمع من جده الموفق الكثير (٥).
١٠ - تقىّ الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الغنىّ المقْدسىّ الصّالحىّ الحنبلىّ، شيخ الحنابلة، توفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، لزم جدَّه لأمه الشيخ موفَّق الدين حتى برع، وحفظ "الكافى" له (٦).
١١ - تقىّ الدين أحمد بن مؤمن. قال الذهبي: حدَّث عنه. . . . وخلق آخرهم موتا التقىّ أحمد بن مؤمن، يروى عنه بالحضور أحاديثَ (٧).
١٢ - صفىّ الدين أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن يحيى الشَّقْراوِىّ الحنبلىّ
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣١٨، ٣١٩.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٤٣.
(٣) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٧٨ - ٢٨٠.
(٤) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧.
(٥) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٤١.
(٦) سير أعلام النبلاء ٢٣/ ٢١٢، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٣٢، ٢٣٣.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧. وفي حاشيته: هي قطعة من موطأ مالك، كما ذكر في تاريخ الإسلام.
تقديم / 19
القاضي، توفى سنة ثمان وسبعين وستمائة، سمع منه (١).
١٣ - عزّ الدين أبو الفداء إسماعيل بن عبد الرحمن بن عمرو المَرْدَاوِىّ الصَّالحىّ الحنبلىّ، ابن الفَرَّاء، توفى سنة سبعمائة (٢). حدَّث عنه (٣).
١٤ - الجمال ابن الصَّيْرَفىّ، حدَّث عنه (٤).
١٥ - شرف الدين أبو محمد حسن بن عبد اللَّه بن عبد الغنىّ المقدسىّ الصَّالحىّ الحنبلىّ، الفقيه، توفى سنة تسع وخمسين وستمائة، تفقَّه على الشيخ الموفَّق، وبرع، وأفتى (٥).
١٦ - صفىّ الدين أبو الصفاء خليل بن أبي بكر بن صدِّيق المَراغىّ الحنبلىّ، الفقيه، الأصولىّ، المقرىء، القاضي، نزيل مصر. توفى سنة خمس وثمانين وستمائة. سمع من الشيخ موفَّق الدين، وتفقَّه عليه، وبرع وأفتى (٦).
١٧ - زينب بنت الواسِطِىّ. حدَّثتْ عنه (٧).
١٨ - ضياء الدين أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الواحد بن أحمد السَّعْدِىّ المقْدسىّ الجَمَّاعِيلِىّ ثم الدمشْقىّ الصّالحىّ، الحنبلىّ، الحافظ المحقِّق، توفى سنة ثلاث وأربعين وستمائة (٨). حدَّث عنه (٩).
١٩ - عماد الدين أبو محمد عبد الحافظ بن بَدْران بن شِبْل بن طَرْخان المقْدسىّ النَّابُلُسِىّ الحنبلىّ، توفى سنة ثمان وتسعين وستمائة، عن نحو تسعين سنة،
_________
(١) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٩٧، ٢٩٨.
(٢) العبر ٥/ ٤١٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧.
(٤) المرجع السابق.
(٥) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٧٣.
(٦) ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣١٦، ٣١٧.
(٧) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧.
(٨) سير أعلام النبلاء ٢٣/ ١٢٦ - ١٣٠، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٣٦ - ٢٤٠.
(٩) سير أعلام النبلاء ٢٢/ ١٦٧، ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ١٤٢، شذرات الذهب ٥/ ٩٢.
تقديم / 20