Misr Min Nasir Ila Harb Uktubir
مصر من ناصر إلى حرب
Genres
لا يخجل هيكل من ذكر العدد الهائل للدبابات التي تم تدميرها. لقد فعل ذلك بهدف المبالغة من أهمية «المعركة»؛ فما دامت الخسائر كبيرة، فإن هذا يعني أن المعركة كانت كبيرة. الأمر ليس إلزاميا إطلاقا. لقد دفع المصريون عددا كبيرا من الدبابات إلى ساحة القتال، ولم يحاولوا أن يسحبوا الدبابات التي خرجت من المعركة من منطقة النيران لإصلاحها، فكل دبابة كانت قيمتها تبلغ 250 ألف روبل!
لم يكن الأمر يستحق أن يشتط الكاتب في الحماس: «عندما اقترب الإسرائيليون، فإن المصريين ضربوهم بقوة، وعندما اقتربوا مرة أخرى، تلقوا مرة أخرى ضربة قوية.» في الواقع من الذي ضرب من، الإسرائيليون أم المصريون؟
ص260:
في النهاية نجد من جديد هذا الاعتراف الثمين لهيكل: منذ السابع من أكتوبر عرف المصريون أن الطريق إلى الممرات كان مفتوحا، وأن بإمكانهم الاستيلاء عليها، لكنهم لم يتقدموا. لماذا؟ •••
لا شك أن كتاب هيكل كتاب مهم، لكنه يحتوي على عدد كبير من الأخطاء، كما يفتقد الدقة في ترتيب الوقائع، الأمر الذي يقلل من قيمته باعتباره وثيقة تاريخية. إن تقدير الكاتب للأحداث والظواهر يتوقف في الكثير، بطبيعة الحال، على وجهة نظره. ولكنه يتوقف أيضا على معرفة الوقائع الحقيقية.
كان هيكل في عهد ناصر يمتلك منفذا واسعا إلى وثائق الدولة، ومع ذلك كان هيكل يحرف الكثير منها في مؤلفاته «لاعتبارات فكرية» (انظر على سبيل المثال إلى كتابه «وثائق القاهرة»).
21
يتضح لنا من كتاب هيكل أن السادات لم يسمح عمليا لهيكل بالوصول إلى الوثائق؛ ولهذا فإن هيكل يعتمد في وصفه للعديد من الوقائع والأحداث وما تضمنته الرسائل على ما يعرضه عليه السادات، الذي كان يحرض هيكل بشكل مستمر ضد السوفييت، وكان يدس له حكايات للأحداث. وكان هيكل، دون خجل ودون مراجعة لهذه الحكايات، يضعها في كتابه، ناسيا أنه يتعامل مع قضايا لا تمس دولة واحدة فحسب (مصر)، وإنما أيضا دول أخرى، وخاصة الاتحاد السوفييتي. إن عدم جواز هذا التعامل المتحرر من القيود مع هذا النوع من القضايا، التي تعد في بعض الأحيان من أسرار الدولة، أمر بديهي.
وحتى على الرغم من التوجه المعادي للسوفييت عند إلقاء الضوء على بعض الحقائق، فإن حقيقة الدور النبيل والسياسة المستقيمة للاتحاد السوفييتي في دعم حركة التحرر الوطني ضد الدسائس الإمبريالية كان ينكشف عندئذ على أية حال. وعلى ما يبدو فإن هيكل لم تكن لديه الرغبة في غالب الأحوال في فضح الدور الخائن للرئيس السادات. ليس من قبيل الصدفة أن كتاب «الطريق إلى رمضان» محظور في مصر، ولم يسمح إلا بنشر بعض الفصول التي تمتدح موقف السادات وتسيء إلى دور الاتحاد السوفييتي.
موسكو، أغسطس 1975م
Unknown page