ونبغ غير واحد في علم النجوم أو النجامة منهم:
حسن بن إبراهيم الزيلعي الجبرتي : من أسرة الجبرتي المؤرخ، كان أستاذا في القاهرة، توفي سنة 1188، وله عدة مؤلفات ورسائل في هذه الفنون يمكن الاطلاع عليها من المكتبة الخديوية.
ونبغ من الأطباء المؤلفين: «أحمد بن عبد المؤمن الدمنهوري» المتوفى سنة 1192، كان أستاذا في الأزهر. وله مؤلفات عديدة في أكثر الفنون تجد أكثرها في المكتبة الخديوية.
ولو أردنا تعداد المشاهير في ذلك العصر لضاق المقام وإنما أردنا إيراد الأمثلة لحالة تلك الأيام الأدبية والعلمية وقد رأيت أنها في حالة الانحطاط، لأن ما تقدم ذكره من المؤلفات العديدة قل فيه المستنبط أو الوافي، ولعل هذا العصر أحط عصور التمدن الإسلامي.
ويلاحظ في لغة ذلك العصر؛ أن الإنشاء انحط إلى أقصى درجاته حتى صار أقرب إلى لغة العامة وانحطاط اللغة تابع لانحطاط نفوس أهلها، ومن أشهر أمثلة إنشاء ذلك العصر تاريخ «الجبرتي» وتاريخ «ابن إياس».
أما كتب الفقه، فيرجع إجماليها إلى المصطلحات الفقهية وهي قلما تتغير مع الوقت. وأكثر ما كتب في تلك الفترة إنما هو من قبيل التقليد أو التلخيص أو الشرح أو التعليق.
وقد رأيت أن أكثر المؤلفات في علوم الدين الإسلامي، لأن العلم انحصر يومئذ في الأزهر تقريبا، فإن أكثر طلابه من الفقهاء، إلا من كان فيه ميل خصوصي لعلوم أخرى، مع أن أوربا كانت قد أفاقت من غفلتها وأخذت في تأسيس العلوم الحديثة، ولم يبلغ خبر ذلك إلى مصر إلا على يد الحملة الفرنساوية سنة 1798، فإنها أتت معها بحملة علمية، فضلا عن الحملة العسكرية، فبهر العقلاء من أحوالهم وإن لم يأخذوا عنهم شيئا. وإنما ترى ذلك الفضل للأسرة المحمدية العلوية وأول من أخذ من هذه النهضة «محمد علي باشا» مؤسس هذه الأسرة العلية. (4) الحالة الاجتماعية والاقتصادية
أما الهيئة الاجتماعية في ذلك العصر، فإنها تختلف عما نحن فيه الآن اختلافا كبيرا، فإنهم لم يكونوا يدركون ما ندركه نحن من لفظ الوطن والاستقلال والدستور والحرية الشخصية، وحقوق الفرد، وحقوق الجماعة، وإنما كانت الأمة مؤلفة من الحكام أصحاب الأمر والنهي والسطوة والنفوذ، والشعب وما عليه إلا الطاعة وتحمل المصائب بالصبر. فإن أحدهم كان إذا نهض من فراشه خرج من بيته وهو لا يدري ما يلقاه من أنواع المظالم أو ضروب الإهانة إذا كان في يده مال لا يأمن من أن يبقى ذلك المال له إلى المساء، وإذا كان له فرس أو بغل أو دابة كانت عرضة للسخرة بأمر الحاكم أو بعض رجاله.
وناهيك بالضرائب المتوالية التي لا يسأل ضاربها ولا ينجو أحد من دفعها مرة أو غير راضيا أو غاضبا، حتى نساؤهم وأولادهم إنهم لم يكونوا آمنين عليهم من السطو والنهب.
بالأمة التي هذا حالها من الضنك والذل والظلم لا غرو إذا ظلمت فيها المرأة وصارت كالأمة لأن ظلمها تابع لظلم الحكام؛ فإن الرجل يقضي نهاره مظلوما لا يستطيع ردا، ولا دفاعا أو انتقاما، فإذا أتى بيته تشبه بحكامه لأنه في عائلته كالأمير في بلده، يأمر وينهى فيعامل أهله كما عومل. وبذلك كانت المرأة تظلم وتنحط في عهد الحكومة الاستبدادية الظالمة . ولا غرو إذا انصرف أولئك المظلمون من الرجال إلى تسلية أنفسهم، وتصريف تغيظهم بالمشروبات الروحية أو تدخينها المخدرات كالحشيش ونحوه؛ ولذلك كثر تناول هذا العقار في تلك الأثناء يخدر الناس أعصابهم وينسوا حالهم (4-1) الزراعة
Unknown page