Mawt Yazur Pemberley
الموت يزور بيمبرلي
Genres
أدين باعتذار إلى جين أوستن؛ لإقحام عزيزتها إليزابيث في مأساة تحقيق في جريمة قتل، خاصة أن السيدة أوستن أوضحت وجهة نظرها في الفصل الأخير من «مانسفيلد بارك» حين قالت: «سأدع الأقلام الأخرى تطيل الكتابة عن الشعور بالذنب والأسى. سأتوقف عن الحديث عن تلك الأمور البغيضة بمجرد ما يمكنني ذلك، وأتوق إلى إعادة كل شخص ليس مخطئا إلى العيش في هناء، وأن أفعل ذلك مع الباقين جميعهم.» ولا شك أنها كانت سترد على اعتذاري بأن تقول إنها كانت ستكتب هذه القصة بنفسها وكانت ستكتبها بشكل أفضل، لو أنها تمنت أن تتحدث عن تلك الأمور البغيضة.
بي دي جيمس، 2011
تمهيد
عائلة بينيت من لونجبورن
اتفقت النساء المقيمات في ميريتون فيما بينهن عموما على أن السيد بينيت وزوجته كانا محظوظين كثيرا في التخلص من أربع بنات لهما من أصل خمس بتزويجهن. وميريتون - وهي بلدة صغيرة للتسوق في هيرتفوردشاير - لا تعد وجهة لجولات الترفيه؛ ذلك أنها لا تمتاز بجمال المكان ولا تتمتع بتاريخ مميز، في حين أن المنزل الوحيد الرائع بها - وهو نيذرفيلد بارك - غير مذكور في الكتاب الذي يتحدث عن أبرز أشكال العمارة فيها رغم أنه مثير للإعجاب. وتتمتع البلدة بمكان لتجمع المواطنين بها، وتقام فيه حفلات الرقص بانتظام، لكن ليس بها مسرح، وتقام الأحداث الرئيسية للترفيه في المنازل الخاصة، حيث تقلل الثرثرة والنميمة من حدة الملل الذي يصاحب حفلات العشاء وألعاب الويست حيث لا تتغير الصحبة في كل مرة.
ومن المؤكد أن عائلة لديها خمس من البنات غير المتزوجات ستجذب اهتمام جيرانها وشفقتهم، خاصة حين تقل وسائل التسلية الأخرى، وكان موقف عائلة بينيت بائسا للغاية. ففي ظل غياب وريث ذكر، كانت أملاك السيد بينيت ستئول بالوراثة إلى ابن أخيه الموقر ويليام كولينز، الذي كانت السيدة بينيت تتذمر منه بصوت عال، وتقول بأنه سيخرجها وبناتها من المنزل قبل أن تبرد جثة زوجها في قبره. وفي واقع الأمر، حاول السيد كولينز بقدر ما أوتي من قوة أن يجبر شيئا كهذا. فقد اتخذ قرارا غير ملائم له، لكن وبموافقة راعيته الجليلة الليدي كاثرين دي بيرج، غادر السيد كولينز أبرشيته في مدينة هانسفورد بمقاطعة كنت؛ ليزور عائلة بينيت بهدف خير، وهو اختيار عروس له من البنات الخمس. وقد قابلت السيدة بينيت نيته تلك بترحاب وحماسة من جانبها، لكنها نبهته إلى أن الآنسة بينيت - وهي الابنة الكبرى - كانت على وشك عقد خطبتها في غضون وقت قصير. وكان اختياره لإليزابيث - وهي الابنة الثانية من حيث العمر ومستوى الجمال - قد قوبل برفض قاطع، فكان مضطرا إلى البحث عن استجابة ودية أكثر إزاء طلبه؛ وذلك من جانب الآنسة تشارلوت لوكاس صديقة إليزابيث. وقد قبلت الآنسة لوكاس عرضه بابتهاج أثلج صدره، وسوي الأمر بشأن المستقبل الذي يمكن للسيدة بينيت وبناتها أن يتطلعن إليه، ولكن ليس بالشكل التام مما أشعر جيرانهم بالأسف عموما. فعند وفاة السيد بينيت، سيودعهم السيد كولينز في أحد الأكواخ الكبرى التي تقع ضمن ملكية السيد بينيت حيث يتسنى لهم أن يحصلوا على الرعاية الكنسية من إدارته كما يمكنهم الحصول على قوتهم من بقايا مطبخ السيدة كولينز، ويزيد على ذلك هدايا من الطرائد أو من لحم الخنزير المقدد تقدم إليهم من آن لآخر.
لكن عائلة بينيت تمكنت لحسن حظها من الخروج من هذا المأزق. فبحلول نهاية عام 1799، كانت السيدة بينيت تهنئ نفسها لكونها أما لأربع بنات متزوجات. في حقيقة الأمر فإن زفاف ليديا - وهي الابنة الصغرى وعمرها 16 عاما فقط - لم يكن مبشرا بخير. فقد هربت ليديا مع الملازم جورج ويكهام، وهو ضابط بالقوة العسكرية المتمركزة في ميريتون، وكان من المتوقع لهروبها هذا أن ينتهي - كما تنتهي كل المغامرات من هذا النوع - بهجران ويكهام لها، وطردها من منزلها، ورفض المجتمع لها، وفي النهاية وصمها بأشياء يمنع الاحتشام السيدات من الحديث عنها. لكن الزواج تم على الرغم من ذلك، وأول من أتى بالخبر كان جارا لهم يدعى ويليام جولدنج، وذلك حين كان يمتطي حصانه ومر أمام عربة لونجبورن، فوضعت السيدة ويكهام المتزوجة حديثا يدها على النافذة حتى يتسنى له رؤية الخاتم فيها. وكانت أخت السيد بينيت - وتدعى السيدة فيليبس - حريصة على تمرير روايتها عن هذا الهروب، التي تقول بأن الزوجين كانا في طريقهما إلى جريتنا جرين، لكنهما توقفا وقتا قصيرا في لندن من أجل أن يتمكن ويكهام من إخبار أم له بالمعمودية بزفافه المنتظر، وحين وصل السيد بينيت أثناء بحثه عن ابنته، قبل الزوجان باقتراح الأسرة بأن الزواج يمكن أن يتم في لندن. ولم يصدق أحد هذا التلفيق من جانبها، لكن أقر الجميع بأن براعة السيدة فيليبس في حياكة خيوط تلك القصة كانت تستدعي التظاهر بتصديقها على الأقل. ولم يكن استقبال جورج ويكهام في ميريتون ممكنا إطلاقا بعد هذا بالطبع؛ حتى لا يتسنى له أن يسرق عذرية الخادمات، أو أرباح أصحاب المتاجر، لكن اتفق على أن ليديا إن حلت بينهم زوجة للسيد ويكهام، ينبغي استقبالها بسماحة ورحابة صدر كما كان يفعل معها حين كانت تدعى الآنسة ليديا بينيت.
وكان هناك الكثير من التكهنات حول الكيفية التي تم بها الزواج المتأخر. كانت قيمة تركة السيد بينيت بالكاد تساوي 2000 جنيه في العام، ويرى عموما أن السيد ويكهام كان يمتلك ما يساوي 500 جنيه مع دفع كل فواتيره، وذلك قبل إتمام الزواج. ولا بد أن أخا السيدة بينيت - وهو السيد جاردنر - هو من دبر المال. فقد كان من المعروف عنه أنه رجل طيب القلب، لكنه كانت لديه أسرة يعولها، ولا شك أنه كان يتوقع أن السيد بينيت سيرد إليه المال. وكانت عائلة لوكاس لودج تشعر بالكثير من القلق من أن ميراث صهرهم سيتقلص بسبب هذا العوز، لكن حين لم يتم قطع أي أشجار ولا بيع أي أرض ولا تسريح أي من الخدم، وحين لم يبد الجزار أي نفور من إرسال الطلب الأسبوعي للسيدة بينيت، كان من المفترض أنه لم يكن هناك ما يخشاه السيد كولينز وتشارلوت، وأنه حين يدفن السيد بينيت كما يليق، يمكن للسيد كولينز أن يستحوذ على ملكية لونجبورن وهو واثق تمام الثقة أنها لا تزال على حالها.
لكن الخطبة التي تبعت زواج ليديا بمدة قصيرة - وهي خطبة الآنسة بينيت والسيد بينجلي من نيذرفيلد بارك - لاقت إعجابا كبيرا. فقد كانت غير متوقعة إطلاقا؛ وكان إعجاب السيد بينجلي بجين واضحا منذ أول لقاء بينهما في إحدى الحفلات. وكان حسن الآنسة بينيت ورقتها وتفاؤلها الساذج حيال الطبيعة البشرية، الذي منعها من التحدث بسوء عن أي أحد، قد جعلت منها شابة محبوبة بوجه عام. لكن وفي غضون أيام من إعلان خطبة كبرى بناتها إلى السيد بينجلي، شاعت أخبار انتصار أكبر تحصلت عليه السيدة بينيت وقوبلت تلك الأخبار في البداية بجو من التشكك. ذلك أن الآنسة إليزابيث بينيت كانت ستتزوج من السيد دارسي وهو مالك بيمبرلي، وهو أحد أكبر المنازل في ديربيشاير، وترددت الشائعات أن دخله يساوي 10 آلاف جنيه في العام.
وكان من المعروف بصورة عامة في ميريتون أن الآنسة ليزي كانت تكره السيد دارسي، وكان ذلك الشعور يكنه بوجه عام كل الرجال والنساء الذين حضروا الحفل الأول الذي حضره السيد دارسي بصحبة السيد بينجلي وأختيه، وقد أظهر في ذلك الحفل لكل الحضور من الأدلة ما يكفي على تكبره وازدرائه المتغطرس؛ فقد أوضح تماما أنه لا توجد امرأة ممن يحضرن الحفل تستحق أن تكون شريكة له؛ وذلك رغم تشجيع صديقه السيد بينجلي له على البحث عن إحداهن. وبالفعل حين قدم السير ويليام لوكاس إليزابيث إلى السيد دارسي رفض أن يرقص معها، وقد أخبر السيد بينجلي أنها لم تكن جميلة بما يكفي لتجذبه للرقص معها. ولذا كان من المسلم به أن أي امرأة لن تكون سعيدة حين تتزوج بالسيد دارسي، وذلك كما أشارت ماريا لوكاس قائلة: «من سيرغب في أن يجلس أمام ذلك الوجه البغيض على الإفطار كل يوم لبقية حياته؟»
Unknown page