Makhtutat Masrahiyyat Mustafa Mumtaz
مخطوطات مسرحيات مصطفى ممتاز
Genres
الإجابة على هذا السؤال تقول: من الممكن أن يكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز، إذا أثبتنا أن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية يشارك في كتابتها توفيق الحكيم قبل أن يقتبس مسرحيته «العريس». فإن صدق هذا الإثبات، فيكون الحكيم تأثر بمصطفى ممتاز بكل معنى الكلمة. وإليك أيها القارئ الإثبات :
من المعروف - في الربع الأول من القرن العشرين - أن الفرق المسرحية المصرية تنهي موسمها التمثيلي في أبريل أو مايو من كل عام؛ لتبدأ موسمها الصيفي بإعادة بعض عروضها في الأقاليم والمدن الساحلية، ثم تأخذ فترة استعداد للموسم التالي؛ الذي يبدأ في أكتوبر أو نوفمبر، وغالبا ما تبدأ الفرق موسمها الجديد بمسرحيات جديدة؛ بواقع مسرحية جديدة كل يوم، ومن ثم تعيد عرضها على فترات متفاوتة طوال الموسم. ووفق هذا الأسلوب أعلنت فرقة عكاشة بداية موسمها الجديد لعام 1924 / 1925 في أكتوبر 1924م؛ بالإعلان عن أربع مسرحيات جديدة، هي: «الدنيا وما فيها» تأليف محمد يونس القاضي، وعرضتها يوم 13 / 11 / 1924. ومسرحية «العريس» اقتباس حسين توفيق الحكيم، وعرضتها يوم 14 / 11 / 1924. ومسرحية «المشكلة الكبرى» اقتباس سليمان نجيب، وعرضتها يوم 15 / 11 / 1924. وأخيرا مسرحية «خاتم سليمان» اقتباس مصطفى ممتاز وحسين توفيق الحكيم، وعرضتها يوم 16 / 11 / 1924.
13
وربما سيندهش القارئ - من توثيقنا السابق لهذه العروض - لأننا أضفنا دليلا جديدا يؤكد أن فرقة عكاشة عرضت مسرحية «العريس» للحكيم قبل عرضها لمسرحية «خاتم سليمان» بيومين فقط! وهذا يعني أن الحكيم اقتبس «العريس» قبل اقتباسه - بالاشتراك مع ممتاز - لمسرحية «خاتم سليمان»؛ أو على أقل تقدير كان الاقتباس لكلتيهما في وقت متقارب في الفترة ما بين نهاية الموسم السابق في مايو، وبداية الإعداد للموسم التالي الذي بدأ في نوفمبر. أي إن اقتباس مسرحيتي «العريس» و«خاتم سليمان» كان في الفترة ما بين شهري مايو ونوفمبر 1924م. وهنا يأتي دور الوثائق حسما للأمر!
فقد حصلنا على وثيقتين بتوقيع كامل الخلعي،
14
تتعلقان بتلحين مسرحية «خاتم سليمان»: الأولى مؤرخة في 1 / 3 / 1923 ويقول فيها: «رددت هذه الرواية ثانية إلى جوق إدارة شركة ترقية التمثيل العربي، بعد أن ألفت موسيقى نصف فصل منها؛ لأننا لم نتحدث على ثمنها من جهة، ولأن أرباب الأدوار فيها لا يأخذون غناء أدوارهم إلا بعد أن يذهب أغلبه ضياعا لطول الوقت.» والأخرى مؤرخة في 11 / 11 / 1924، وفيها يقول: «استلمت من حضرتي ممتاز وتوفيق مؤلفي رواية «خاتم سليمان» مبلغ 100 مائة غرش صاغا - كمكافأة على حسن الألحان التي وضعتها في روايتهما، وهذا وصل بالاستلام .»
صورة من وثيقتي كامل الخلعي بخصوص تلحين مسرحية «خاتم سليمان».
والملاحظ أن كامل الخلعي - ملحن مسرحية «خاتم سليمان» - يعترف في الوثيقة الأولى - المؤرخة في أول مارس 1923م - أنه لحن جزءا من مسرحية «خاتم سليمان »، وبسبب الاختلافات المالية، أعاد نص المسرحية مرة أخرى إلى الفرقة! وهذا يعني أن نص المسرحية كان لديه بصورة كاملة قبل مارس 1923م؛ بينما اقتبس الحكيم مسرحيته «العريس» عام 1924م! أي إن مسرحية «خاتم سليمان» هي أول مسرحية شارك الحكيم في كتابتها مع ممتاز. وبناء على ذلك، نستطيع القول بكل اطمئنان إن الكاتب المسرحي مصطفى ممتاز كان الموجه الأول لتوفيق الحكيم في كتاباته المسرحية الأولى، قبل سفر الحكيم إلى فرنسا. وبمعنى آخر: إن توفيق الحكيم تأثر بأسلوب مصطفى ممتاز وتوجيهاته المسرحية، قبل أن يخط الحكيم سطرا واحدا في إبداعه المسرحي.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا أخذ الحكيم هذا الموقف من موجهه الأول في الكتابة المسرحية؟ خصوصا أن الحكيم كان في أوج شهرته بوصفه كاتبا مسرحيا مرموقا عندما كتب ما كتبه عن مصطفى ممتاز؟! الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة؛ ولكن من وجهة نظري إن الحكيم أراد أن ينسب علمه وإبداعه المسرحي إلى الفترة الفرنسية التي قضاها في باريس، ولم يرد فضلا عليه سوى تجربته الفرنسية ليس إلا! ومن ناحية أخرى ربما أراد إقصاء فترة عمله الأولى المتعلقة بمصطفى ممتاز؛ حتى لا يضطر إلى الإشادة به باعتباره مؤثرا فيه، أو الحديث عنه بوصفه موجها له!
Unknown page