Makhtutat Masrahiyyat Cabbas Hafiz
مخطوطات مسرحيات عباس حافظ: دراسة ونصوص
Genres
ولكن ألست أستحق منهم الحب والاحترام ... أنا الذي أعمل على خدمتهم الليل والنهار ... أنا الذي أنبش كتب الأولين لكي أستخرج لهم أزاهير من الشعر الجديد ... أنا الذي أغيب في جوف البحار والأنهار بحثا عن تلك الدرة المتألقة ... (تتدلى راشل عن ركبة شاترتون وتذهب فتجلس فوق مقعد صغير عند قدمي الأستاذ ... وشاترتون يسترسل)
آه ... لو كنت تعلم قيمة مجهوداتي ... لقد جعلت غرفتي معبدا ووقفت حياتي للتأمل والتفكير ... وأطلقت روحي بعيدا عن هذا العصر الذي نعيش فيه ... لأنه عصر مادي مخيف ... درجت ألتمس شعر العصور الماضية ... ثم نظمت لهم شعرا طريفا ولم أقل لهم أنه قد خرج من قلمي ... وإلا لاستهانوا به وحقروه ... وتضاحكوا من أمره ... ولشد ما أكبروه وصفقوا له معتقدين أنه شعر شاعر قديم أسميته الشاعر رولي من أهل العصر القديم ... وهو لا اسم له في الحقيقة ولا وجود.
الأستاذ :
أجل ... وكذلك هم يأبون إلا أن يحبوا الموتى ... ويميتوا الأحياء.
شاترتون :
ومع ذلك فقد عرف الناس أن الكتاب بقلمي ... ولن يستطيعوا أن يبيدوه بل سيدعونه يعيش ... ولكنهم لم يعطوني في مقابله إلا قليلا من الضوضاء ... وهي لا تغني عن الجوع شيئا ... وما أنا بمستطيع أن أحترف بشيء غير الكتابة ... لقد حاولت كثيرا أن أنهزم لهم وأقذف الشعر والكتابة جانبا ... ولكني لم أستطع أن أنجح ... لقد أغروني على أن أجد لي عملا ماديا فحاولته ... ولكني لم أستطع أن أصبر عليه ... فهل يريد الناس أن يعيبوا على الله أن خلقني شاعرا؟ هل تسمي هذا مني قوة مخيفة أم ضعفا شائنا ... إني لا أعرف أيهما ... إني لا أستطيع أن أقاوم مد روحي الصخاب الفياض الذي يطغى ويطفو على الرغم مني ... لقد عالجت الأعمال الهادئة كالصحافة والحساب وأمثالهما، فلم ألبث حتى طرحتها ... إن روحي لا تستطيع أن تطمئن للأرقام والقوائم والجداول والحسابات ... وا أسفاه يا صديقي! ... وا أسفاه! ... إني حزين! ... إن بدني متعب منهوك ... (ينهض من مجلسه بقليل من الانفعال والاهتياج)
ومع ذلك فلو كانت لي أكبر قوة في الأرض لظل يقوم بيني وبين العمل البدني ذلك العدد اللدود الذي خلق معي ... هذه الجنية التي درجت معي منذ المهد ... وهي نزعة الشعر والتفكير ... إنها تتبعني في كل مكان، إنها تلازمني ... إنها تحول بيني وبين كل شيء ... إنها تسعد حياتي وتشقيها معا ... إنها تنقذني ... ثم هي تميتني!
الأستاذ :
وماذا أنت صانع بعد هذا؟
شاترتون :
Unknown page