Madina Fadila Cabr Tarikh
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Genres
O ، كما يعلمون أنه يجب أن يتخطى الخامسة والثلاثين لكي يتسنى له الحصول على مثل هذا المركز، وأن يستمر في شغل منصبه حتى يتم العثور على رجل يفوقه علما وقدرة على النهوض بأعباء الحكم.»
الفارس: ومن ذا الذي يمكنه أن يبلغ هذا المستوى من المعرفة؟ وكيف يمكن لأي إنسان متخصص في كل العلوم أن يكون ماهرا في الحكم؟
البحار: سألتهم هذا السؤال فأجابوا قائلين: «إننا متأكدون أكثر منكم من أن الرجل المتعلم يملكن القدرة على الحكم، لأنكم تضعون الجهلة في مراكز السلطة لمجرد أنهم ولدوا نبلاء، أو تم انتخابهم من قبل حزب قوي. ولكن
O
الذي يحكمنا قد اطلع على قدر واسع من العلم الذي يمنعه من أن يكون قاسيا أو شريرا أو طاغية. ولا شك في أن حجتك صحيحة بالنسبة للبلاد التي تفكر فيها، حيث يعتبر الإنسان متعلما إذا كان يعرف من قواعد النحو أو المنطق أكثر مما عرف أرسطو أو غيره، لأن ذلك الإنسان لا يحتاج إلا إلى ذاكرة العبيد، كما يصاب بالتبلد لأنه لا يستمد ملاحظاته من الوقائع بل من الكتب، وتنحط روحه بتأمل الأشياء الميتة، فلا يعرف كيف يدبر الله كل شيء، ولا يفهم سنن الطبيعة وعادات الأمم المختلفة ...
ونحن نعي كذلك تمام الوعي أن الذي يقتصر علمه على علم واحد، لا يعرف في الحقيقة هذا العلم نفسه ولا أي علم سواه، وأن الذي تظهر موهبته في علم واحد ويحصل معرفته من الكتب وحدها، إنما هو إنسان غبي لا يحسن شيئا. ولكن هذا لا يقلق العقول التي تكتسب المعرفة بسهولة ويسر، كما هو مفترض في عقل
O . أضف إلى هذا أن العلوم في مدينتنا يتم تعلمها بسرعة شديدة، حتى إن المرء يمكنه أن يتعلم هنا في سنة واحدة أكثر مما يتعلمه الناس عندكم في عشر سنوات ...»
وقوانين «مدينة الشمس» المتعلقة بالعلاقات الجنسية لا يمليها إلا الحرص على إنجاب سلالة سليمة تتمتع بالصحة. والواقع أن كامبانيلا يذهب في آرائه عن تحسين النسل إلى أبعد مما ذهب إليه أفلاطون، ويعتقد أن القضاة ينبغي أن يساعدهم الأطباء والمنجمون. وزيادة في الاحتياط يتوجه المصلون إلى الله بالدعاء سائلين أن يمنح المدينة ذرية معافاة. ولعل أكثر ما يصدم (القارئ) هو مدى بعد كامبانيلا عن الالتزام بالأخلاق المسيحية المتشددة التي تدين أي اتصال جنسي لا يكون الغرض منه هو الإنجاب، وكذلك فكرته عن أضرار الكبت الجنسي بالشباب وضرورة تجنبه، وهي فكرة مثيرة وتبدو حديثة جدا: «ولا يسمح لامرأة بأن تسلم نفسها لرجل قبل أن تبلغ التاسعة عشرة من عمرها، كما يجب أن يمتنع الرجل عن الإنجاب قبل بلوغه إحدى وعشرين سنة ... أما قبل هذه السن فيسمح له بمعاشرة المرأة الحامل أو العقيم لتلبية حاجاته الجسدية. وتبلغ الرئيسات سرا عن أولئك الذين تمعن فينوس في تعذيبهم، ويستجبن لرغباتهم، ولكن ليس قبل إخبار كبير القضاة الذي يكون كذلك طبيبا كبيرا ... وإذا اكتشف أنهم يرتكبون جريمة اللواط، فإنهم يؤنبون تأنيبا شديدا ويحكم عليهم بأن يربطوا أحذية حول رقابهم لمدة يومين، بما يعني أنهم قد أخلوا بالنظام ووضعوا أقدامهم حيث كان يجب أن يضعوا رءوسهم.»
52
وإذا امتنعوا عن الجماع حتى سن الحادية والعشرين، تقام الاحتفالات وتنشد الأغاني لتكريمهم. وعندما يتدربون على القتال، يتحرر النساء والرجال من ثيابهم، كما كان يفعل الإغريق، بحيث يستطيع القضاة أن يكتشفوا العاجز عجزا جنسيا من بينهم، وأي الأعضاء يناسب كل منها الآخر. وبعد أن يغتسلوا جيدا يهيئون للجماع كل ثلاث أمسيات، وتزوج النساء الطويلات والجميلات للرجال الطوال والفضلاء، والنحيفات للبدينين لتحقيق نوع من التوازن، ويذهب الجميع إلى الفراش بأمر القاضي والرئيسة، ولا يشرعون في الجماع حتى يهضموا طعامهم، ثم يبدءون في الصلاة، ويتأملون صورا جميلة لرجال هم محط أنظار النساء. وبعد ذلك يتوجهون نحو النوافذ ويدعون الرب في السماء أن يهبهم ذرية صالحة. وينامون في صوامع حتى تحين ساعة التزاوج، وعندئذ تفتح الرئيسة أبواب الصومعتين في تلك الساعة التي حددها المنجم ...
Unknown page