Mabarhanat Firma Akhira
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
Genres
على مدى ما يزيد على قرنين من الزمان، انتهت جميع المحاولات لإعادة اكتشاف برهان مبرهنة فيرما الأخيرة بالفشل. وفي سنوات مراهقته، درس أندرو وايلز أعمال أويلر وجيرمان وكوشي ولاميه، وأخيرا كومر. كان يأمل في أن يتعلم من أخطائهم، لكنه حين صار طالبا في جامعة أوكسفورد، واجه الحائط نفسه الذي واجهه كومر.
كان بعض معاصري وايلز بدءوا يشكون في أن المسألة قد تكون مستحيلة. فربما خدع فيرما نفسه، ومن ثم فالسبب في أن أحدا لم يتمكن من إعادة اكتشاف برهان فيرما هو أن ذلك البرهان غير موجود. وبالرغم من هذا التشكك، استمر وايلز في البحث عن برهان. لقد ألهمته معرفته بأن ثمة حالات عديدة في ماضي البراهين التي لم تكتشف أخيرا إلا بعد قرون من المحاولة. وفي بعض تلك الحالات، لم يكن وميض البصيرة الذي أدى إلى حل المشكلة يستند إلى المعارف الرياضية الحديثة، بل هو برهان كان من الممكن التوصل إليه قبل مدة طويلة.
شكل 3-11: نجد في هذين المخططين أن كل نقطة تتصل بجميع النقاط الأخرى بخطوط مستقيمة. فهل من الممكن رسم مخطط يتضمن كل خط مستقيم فيه ثلاث نقاط على الأقل؟
من أمثلة البراهين التي استعصت على الحل لعقود، «حدسية النقاط». وينطوي التحدي على مجموعة من النقاط التي تربطها بعضها ببعض خطوط مستقيمة، كرسوم النقاط الموضحة في الشكل
3-11 . تزعم الحدسية استحالة رسم مخطط من النقاط يوجد على كل خط مستقيم به ما لا يقل عن ثلاث نقاط، باستثناء المخطط الذي تكون النقاط فيه جميعها على خط واحد. يبدو هذا الزعم صحيحا بالفعل بعد التجربة على عدد من المخططات. ففي الشكل
3-11 (أ) على سبيل المثال، توجد خمس نقاط يتصل بعضها ببعض من خلال ست خطوط مستقيمة. وأربعة من هذه الخطوط لا توجد عليها ثلاث نقاط؛ ومن ثم فإن هذا المخطط لا يستوفي شرط وجود ما لا يقل عن ثلاث نقاط على جميع الخطوط. ومن خلال إضافة نقطة زائدة والخط المتصل بها، مثلما يرد في الشكل
3-11 (ب)، يقل عدد الخطوط الذي لا يتضمن ثلاث نقاط إلى ثلاثة خطوط فقط. غير أن محاولة تعديل المخطط أكثر من ذلك كي توجد على جميع الخطوط ثلاث نقاط، تبدو مهمة مستحيلة. وهذا لا يثبت بالطبع عدم وجود مثل ذلك المخطط.
شكل 3-12: بول ولفسكيل.
حاولت أجيال من علماء الرياضيات إيجاد برهان لحدسية النقاط التي تبدو حدسية مباشرة، لكن جميع هذه المحاولات قد باءت بالفشل. وما جعل حدسية النقاط أكثر إثارة للسخط هو أنه حين اكتشف أحد البراهين أخيرا، لم يكن ينطوي إلا على قدر ضئيل للغاية من المعرفة الرياضيات، مع قدر أكبر قليلا من التحايل. يرد هذا البرهان في الملحق 6.
كان ثمة احتمال بأن تكون جميع التقنيات اللازمة لإثبات مبرهنة فيرما الأخيرة، موجودة بالفعل، وأن العنصر الوحيد المفقود هو البراعة. لم يكن وايلز مستعدا للاستسلام؛ فقد تحول إيجاد برهان لمبرهنة فيرما الأخيرة من ولع الطفولة إلى هوس ناضج. وبعد أن تعلم وايلز كل ما يمكن تعلمه من رياضيات القرن التاسع عشر، قرر أن يتسلح بمعرفة تقنيات القرن العشرين.
Unknown page