Mabarhanat Firma Akhira
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
Genres
أوحى خط الأعداد بأن الاكتمال قد تحقق على ما يبدو. فقد بدا أن جميع الأعداد صارت في أماكنها على استعداد للإجابة عن جميع الأسئلة الرياضية، ولم يعد هناك من مكان إضافي على خط الأعداد يستوعب أعدادا جديدة على أي حال. غير أن القرن السادس عشر شهد أصداء متجددة من القلق. كان الرياضي الإيطالي رفايلو بومبيلي يدرس الجذور التربيعية لمختلف الأعداد حين صادف سؤالا لا إجابة له.
بدأت المشكلة بطرح السؤال: ما الجذر التربيعي للعدد 1، ؟ والإجابة الواضحة هي 1، لأن 1 × 1 = 1. أما الإجابة الأقل وضوحا، فهي −1. ذلك أن ضرب عدد سالب في عدد سالب آخر، ينتج لنا عددا موجبا. وهذا يعني أن −1 × −1 = +1. إذن؛ فالجذر التربيعي للعدد +1 هو +1 و −1 أيضا. ولا بأس في وفرة الإجابات، غير أن السؤال يطرح مرة أخرى: ما الجذر التربيعي للعدد −1، ؟ تبدو المسألة مستعصية. فلا يمكن أن يكون الحل +1 أو −1؛ لأن تربيع هذين العددين كليهما هو +1. بالرغم من ذلك، لا يبدو أن ثمة حلولا أخرى محتملة. ذلك أن الاكتمال يستلزم أن نكون قادرين على الإجابة عن السؤال.
وقد كان حل بومبيلي هو ابتكار عدد جديد، وهو «
i »، الذي يسمى «عددا تخيليا»، وقد عرف ببساطة على أنه إجابة السؤال: «ما الجذر التربيعي للعدد سالب واحد؟» وقد يبدو هذا حلا جبانا للمشكلة، لكنه لم يكن مختلفا عن الطريقة التي قدمت بها الأعداد السالبة. فحين صادف الهندوس سؤالا لم يكن من الممكن الإجابة عنه بأي طريقة أخرى، لم يفعلوا شيئا سوى أنهم قد عرفوا −1 على أنه إجابة السؤال: «ما ناتج طرح واحد من صفر؟» من الأسهل علينا أن نقبل مفهوم −1؛ لأننا نألف المفهوم المناظر له المتمثل في «الدين»، غير أننا لا نعرف في العالم الواقعي شيئا يعزز مفهوم العدد التخيلي. لقد تمكن عالم الرياضيات، جوتفريد ليبنتس، الذي عاش في القرن السابع عشر، من وصف الطبيعة الغريبة للعدد التخيلي على نحو رائع بقوله: «إن العدد التخيلي ملاذ بديع ورائع من الروح الإلهية؛ فهو أشبه ببرزخ بين الوجود واللاوجود.»
وفور أن نقوم بتعريف
i ، على أنه الجذر التربيعي للعدد −1، سنتوصل بالضرورة إلى وجود العدد ؛ فهو حاصل جمع
i
زائد
i (وهو أيضا الجذر التربيعي للعدد −4). وبالطريقة نفسها، سنستنتج بالضرورة وجود العدد
i/2 ؛ إذ إنه ناتج قسمة
Unknown page