Lubab Fi Culum Kitab
اللباب في علوم الكتاب
[أولها]: وقوع الضلالة في مقابلة الهدى، قال تعالى:
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
[البقرة: 16]، وقال تعالى:
وإنآ أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين
[سبأ: 24].
وثانيها: يقال: مهدي في موضع المدح كالمهتدي، فلو لم يكن من شرط الهدى كون الدلالة موصلة إلى البغية لم يكن الوصف بكونه مهديا مدحا؛ لاحتمال أنه هدي، فلم يهتد.
وثالثها: أن " اهتدى " مطاوع " هدى " يقال: هديته فاهتدى، كما يقال: كسرته فانكسر، وقطعته فانقطع، فكما أن الانكسار والانقطاع لازمان للكسر والقطع، وجب أن يكون الاهتداء من لوازم " الهدى ".
والجواب عن الأول: أن الفرق بين الهدى والاهتداء معلوم بالضرورة، فمقابل " الهدى " هو " الإضلال " ومقابل " الاهتداء " هو " الضلال " فجعل " الهدى " في مقابلة " الضلال " ممتنع. وعن الثاني: المنتفع بالهدى سمي مهديا؛ لأن الوسيلة إذا لم تفض إلى المقصود كانت نازلة منزلة المعدوم.
وعن الثالث: أن الائتمار مطاوع الأمر يقال: أمرته فائتمر، ولم يلزم منه أن يكون من شرط كونه آمرا حصول الائتمار، وكذا لا يلزم من كونه هذه أن يكون مفضيا إلى الاهتداء، على أنه معارض بقوله: هديته فلم يهتد.
ومما يدل على فساد قول من قال: الهدى هو العلم خاصة أن الله - تعالى - وصف القرآن بأنه هدى، ولا شك أنه في نفسه ليس بعلم، فدل على أن الهدى هو الدلالة لا الاهتداء والعلم.
Unknown page