ألا! أنا لا أختار تقبيل اليد التي تضربني ولو كانت يد زفس! (19) الصبر الصبر
يقولون: الصبر الصبر.
مرت بي شدائد كثيرة كانت مستحكمة الحلقات، فصبرت عليها إلى أن فرجت، وكنت أظنها لا تفرج.
حين كنت في أميركا صبرت على ما لا يطاق، وقد كنت حريا أن أرجع من اليوم الأول، وأكفي نفسي مؤونة الفراق، ومع شدة ما كنت أعاني من الأشجان والأشواق رددت النفس على مكروهها، وصبرت إلى أن جاء الفرج.
وحين أخذت من بيتي في أثناء الحرب الكبرى إلى السجن بجريرة غيري، ولم أشك أنني محكوم بالموت، ثم أخذت إلى درعا مكبلا ماشيا، ثم في القطار إلى دمشق حيث أودعت السجن لمدة غير قليلة أنتظر تنفيذ الحكم، ثم خرجت من السجن، فقضيت نحو السنة في دمشق لا أعرف عن ذوي، ولا يعرفون عني شيئا، في تلك الأيام العصيبة الرهيبة صبرت إلى أن جاء الفرج.
وأما الآن فما معنى الصبر، وأي فرج أرجو منه؟!
نعم، لا يكون الصبر صبرا إلا إذا كان هناك شوق أو ألم، ولكن من الجهة الأخرى لا يكون الصبر صبرا إلا إذا كان هناك رجاء، وإلا فلا معنى للصبر، ولا فائدة منه.
ربة الدار.
ولقد أراك كسيت أجمل منظر
ومع الجمال سكينة ووقار
Unknown page