Khulasat Tarikh Yunan Wa Ruman
خلاصة تاريخ اليونان والرومان
Genres
ومما يروى عن عدالة بروتوس الصارمة أنه حكم على ابنيه بالإعدام؛ لثبوت اشتراكهما بدسيسة تتعلق بإعادة حكم تركوين، وأمر بتنفيذ الحكم بحضوره حالا.
تاريخ كورليانوس
كانت أعمال الفروسية مشهورة بين الرومانيين في تلك الأعصر، وكان فيهم شاب اسمه موسيوس سكيفولا مشهورا بقوته، وكان قد أخذ أسيرا عند جيوش أورسا ملك أتروربا أو تسكانا، وكانت بينه وبين رومية حرب وكان موسيوس عازما على قتل ذلك الملك فلم ينجح ولذلك تهدد بالتعذيب.
فأوقد بجانبه نارا ووضع يديه في وسط اللهيب وما زال صابرا حتى احترقت وتطاير دخانها، فأظهر بذلك لأورسا أن لا نوع من أنواع العذاب يغير شيئا من شجاعته، وربما كان في هذه القصة كثير من المبالغة.
ويقال بالإجمال إن الرومانيين كانوا منذ تأسيس رومية منقسمين إلى قسمين أشراف وعوام ما يشبه شعب إنكلترا اليوم، وكان في جملة الأشراف المشيخة ومعظم أغنياء البلاد وكذلك القناصل، ولذلك كانت القوة كلها تقريبا في أيدي الشرفاء، وقد نتج عن ذلك خصام متواتر بين الفريقين، وتقرر أخيرا انتخاب خمسة قضاة من العامة يتألف منهم مجلس يقال له مجلس القضاة ويكون انتخابه سنويا.
فحط هذا المجلس من نفوذ الأشراف شيئا، ولذلك فإن أعضاءه كانوا مبغضين منهم، وكان بين الأشراف رجل يقال له: كورليانوس حاول إلغاء مجلس القضاة مرارا، لكنهم كانوا أشد منه بأسا ففازوا عليه حتى تمكنوا من نفيه، فخرج كورليانوس من المدينة وصار إلى أراضي الفولسيين، وكانوا ألد أعداء الرومانيين فجند منهم جندا عظيما، وسار لمحاصرة رومية فارتاع أهل المدينة لما سمعوا ذلك، فبعثوا لملاقاته وفدا مؤلفا من كبار المشيخة يريدون حل المشكل، فعادوا بخفي حنين فبعثوا إليه وفدا من الكهنة فلم ينجح هذا أيضا.
أما كورليانوس فما زال يتقدم حتى نصب خيامه على مسافة قصيرة من أسوار رومية، وأخذ ينظر إلى المدينة واستعد للهجوم عليها في اليوم الثاني، وبينما هو في ذلك جاءه وفد ثالث من نساء الرومانيين بأشد الحزن والكآبة تتقدمهن فيكتوريا والدة كورليانوس وفرجيليا امرأته ومعها أولادها تقودهم بيدها، فلما اقترب الوفد منه جثت والدته عند قدميه، وتضرعت إليه أن لا يكون سببا لخراب تلك المدينة التي ولد فيها، فحاول كورليانوس دفع ما ترجوه كما دفع مطالب المشيخة والكهنة، ولكنه مع كل ما بقلبه من القساوة والكبر لم يستطع مقاومة والدته، فأجابها يا والدتي فليكن كما تريدين، واعلمي أنك قد أنقذت رومية، ولكن قد عدمت ابنك وهكذا حصل؛ لأن الفولسيين لما علموا بكفه عن مهاجمة المدينة وانسحابه منها اغتاظوا عليه وقتلوه في أنطيوم.
غزو الغاليين رومية وأول حرب البونيين
وعقب الحوادث المتقدم ذكرها تغييرات عديدة في الحكومات الرومانية، وذلك أن نفوذ العامة فاق نفوذ الأشراف كثيرا؛ فنتج عن ذلك نجاح رومية داخليا وخارجيا، لكنهم أصيبوا سنة 390 قبل الميلاد بخطب عظيم، وذلك أن جيشا من الغاليين (اليوم الفرنساويون) جاءوا لافتتاح رومية، وكانوا تحت قيادة برنوس ففتحوها، وساروا توا إلى دار المشيخة، فاجتمعوا بكبار الشيوخ في قاعة فاخرة على كراسي من العاج، وكان هؤلاء الشيوخ قد علموا بافتتاح المدينة، ولكنهم أنفوا من الفرار فلبثوا في أماكنهم بعزيمة ثابتة، فلما شاهدهم الرومانيون هابوا شيخوختهم، ولم يحاولوا مسهم بسوء إلا أن أحد العساكر كان فظا فأمسك بلحية أكبر الشيوخ وشدها إليه، وكان اسم ذلك الشيخ بابيروس فاغتاظ لتلك الإهانة، فرفع كرسي العاج وضرب به ذلك الجندي على رأسه، وكانت تلك الضربة سببا لضربة عظيمة على الرومانيين؛ لأن الغاليين استعظموا ذلك، فبادروا إلى الانتقام فذبحوا بابيروس وكل من كان هناك من الشيوخ، وأضرموا النار بالمدينة فاحترقت كلها ورومية إذ ذاك بما نعلمه من العظمة والزخرفة، وفيها كثير من البنايات الهائلة أعظمها الكابيتول، وهذا لم يفتحه الغاليون؛ لأن أشجع الرومانيين اجتمعوا فيه وأصروا على الدفاع حتى الموت، فحاصره الغاليون مدة حتى كادوا أن يستولوا عليه لولا أن الحرس استيقظ من صياح الوز ونهضوا للدفاع، وكانت النتيجة فرار الغاليين، وأصبح الرومانيون من ذلك الحين يحترمون الوز ولا يذبحونه ولا يأكلونه.
وأخرج الغاليون من رومية مغلوبين مذعورين بهمة رجل روماني اسمه كاميليوس، ويقال: إن الغاليين لم يرجع أحد منهم إلى بلادهم، وقيل خلاف ذلك.
Unknown page