Jawhar Insaniyya
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
Genres
منذ انفجار أول قنبلة ذرية في عام 1945، أصبحت الطاقة النووية تستخدم لأغراض سلمية تماما مثل استخدامها في الأغراض الحربية، وفي الواقع تظل أحد الخيارات الرئيسية لإمداد العالم بالطاقة بعد نفاد البترول والغاز. أما العثور على طريقة لنشر الجراثيم المسببة للأمراض على أكبر مساحة سكانية ممكنة فليس له أي تطبيق نافع؛ فلم يكن للتكنولوجيا الموجودة وراء الحرب الجرثومية إلا تطبيق تدميري فحسب، وهي حتى الآن محدودة الاستخدام. استخدمها اليابانيون ضد الصين في الحرب العالمية الثانية، كما استخدمها صدام حسين في حرب العراق ضد إيران في ثمانينيات القرن العشرين،
41
ولكنه لم يكن أول من يبني مخزونا من الجراثيم المسببة للعدوى.
في أثناء الحرب العالمية الثانية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تجري عمليات البحث والتطوير على أبواغ الجمرة الخبيثة ومادة توكسين البوتولينيوم؛ من أجل احتمال استخدامهما ضد ألمانيا. وفي عام 1944 وضعت 12 حاوية من كائنات التخمير سعة الواحد منها 20 ألف جالون في مقاطعة فيجو، بولاية إنديانا، قادرة على إنتاج أكثر من مليون قنبلة جمرة خبيثة في الشهر، حجم الواحدة منها 4 أرطال. وطلبت بريطانيا وحدها شحنة مبدئية قدرها 500 ألف قنبلة. في هذا الوقت لم يستخدم أي منها. وفي الفترة التي تلتها في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي، جرت الاستعاضة عن الجمرة الخبيثة بجرثومة الفرنسيسيلة التولارية؛ وهي جرثومة أخرى يكون لها تأثير فتاك محتمل عند استنشاقها، وأضيفت إليها بكتيريا أخرى تسبب العجز لكنها أقل فتكا، مثل تلك المسئولة عن الإصابة بداء البروسيلات وحمى كيو، بالإضافة إلى فيروس التهاب الدماغ الخيلي الفنزويلي، كما أدخل الفطر الذي يدمر القمح والأرز إضافة إلى كل هذا. مرة أخرى لم تستخدم هذه الأسلحة قط؛ لسبب بسيط وهو أن الاتحاد السوفييتي كان يبني ترسانته الخاصة من أجل شن حرب جرثومية؛ فلم يكن يستخدم البكتيريا المسببة للجمرة الخبيثة وداء التولارمية، بل أيضا البكتيريا المسئولة عن الإصابة بأمراض شديدة العدوى مثل الطاعون والجدري.
42
وكما في حالة الأسلحة النووية، فقد أدرك الجانبان أن الردع أفضل من الاشتباك، وبالتأكيد كان صن تزو سيوافق على هذا. (5) ليوناردو دافينشي
لا ترتبط الابتكارات التكنولوجية بوجه عام بشخص معين، على عكس الأعمال الفنية أو النظريات العملية. لماذا أستطرد إذن لأسلط الضوء على شخص واحد، وهو رجل عرف باسم ليوناردو دافينشي (1452-1519)؟ سيتعجب البعض دون شك عندما يجدون إنجازاته مدرجة في فصل عن التكنولوجيا. ألم يكن أحد أعظم الفنانين في العالم الغربي؟ ألا يعتبره آخرون عالما - في الواقع «أول عالم»
43 - ومن ثم يستحق إدراجه في فصل مكرس خصوصا لهذا الموضوع؟ أنا أتفق مع الرد الأول، لكني أميل إلى الاتفاق مع ستيفن جاي جولد
44
في الاختلاف مع الثاني؛ فليوناردو لم يكن عالما؛ فربما كان مجربا كبيرا، لكنه لم يقدم تفسيرات للظواهر الموجودة من حوله.
Unknown page