Janaqu Masamir Ard
الجنقو مسامير الأرض
Genres
تكون سريعا فريق «للجودية» من ناس الحل والربط، رجالا ونساء، لهم كلمتهم في المكان، تحدثوا عن العلائق الزوجية والاجتماعية، وتحدثوا عن الشيطان، وأولاد الحرام، وبنات الحرام والحسد، وأيضا تكلموا عن القسمة التي من صفاتها أن تنتهي، قالت: أنا عايزة أرجع لأبو بناتي. - لكنك متزوجة؟ - عايزاه يطلقني. - أنا مش ح اطلقك، أنت حامل، ألدي أولا.
قالت: أنا حامل لمان ألد ح أرسل ليهو الجنا، لو ما وقع زي أخوه!
وتجادلنا في حوار يبعد أو يقرب من هذا النسق، أقلقتني عبارتها الأخيرة، كنت لا أرى فيها غير شخص مجنون لا يعرف ماذا يريد بالضبط، لا منطق له، ويمكن أن يفعل أي شيء، بإمكاني أن أطلقها إذا كنت قد اقتنعت بأن تلك هي رغبتها الحقيقية، وليست نتاج مرض نفسي أو جنون، ولو أن فريق الجودية اندهش لرأيي الأخير، إلا أنني أرجعت ذلك لعدم مقدرتهم على فهم وجهة نظري، فجأة خطرت لي خاطرة، قلت لهم: أنا حأخليها تمشي همدائييت وتبقى مع بناتها.
بوغت الجودية بوجهة نظري، ولم يستطعوا فهمها.
قالوا: أبو بناتها هناك.
قلت: هو عارف إنها غير مطلقة، والأمر متروك للاثنين هو وهي. - لكنها في عصمتك. - دا موضوع تاني، يحسمه القانون.
واختلف الناس اختلافا كبيرا، فظهر في السطح ما سمي ب «حكاية ألم قشي»، وتدخل في الأمر مدير شركة الاتصالات، والقاضي المقيم، ومدير المحلية، ونفر من رجال الخير والبركة، وأجبروا ألم قشي على عدم الذهاب إلى همدائييت، وألزمت أنا بعدم العيش معها في المنزل، أن أسكن كما كنت عازبا مع مختار علي إلى أن تحل المشكلة، وكان هذا شرطها هي، أنا وافقت، هي أيضا وافقت على مضض، تركتها في المنزل الذي أعطتنا إياه أدي على أمل أن أستفيد من هذه الهدنة في علاجها، وقررت أن أبدأ مشوار العلاج من همدائييت؛ أن أذهب لزوجها وأستشيره في الأمر، وكنت حقيقة آمل في أن يساعد في الحل، صحبت ود أمونة؛ لأنه أبدى رغبة كبيرة في أن يذهب معي، وكنت حقيقة أحتاج إليه، صحيح أنه شخص أصغر مني عمرا، ولكني أعترف بأنه أنضج مني اجتماعيا، وركبنا باص همدائييت، وهو عبارة عن لوري تمت إعادة تصنيعه ليصبح ناقلا للبشر، له مقاعد ضيقة من الحديد الصلب، ونوافذ حديد، مشرعة صيفا، خريفا وشتاء، يحمل الناس في بطنه، وظهره، وعلى يمين وشمال السائق، منطلقا على الأرض السوداء، قافزا فوق الحفر والخيران مثل ثعلب عجوز يهرب من مطارديه ، كان زئيره يسمع من مسافات شاسعة، عبر أشجار السافنا الفقيرة، تتنصت له الأرانب، والفئران، والقردة معا، والجنقوجورا المرابطون في التايات البعيدة المنتشرة في عمق المشاريع الزراعية يكدحون، وما ينفك سائقه ينبه من يريد السفر إلى الجيرة، الحفيرة، همدائييت، أو الحلال الأخرى أن ينتظره في طريقه الوحيد، الذي يتلوى كثعبان عبر غابة زهانة، بين أشجار الطلح والكتر، ويعلو دخانه كثيفا خاصة في هذه الأيام، حيث الأرض لينة، وتنتشر البرك الطينية ويكثر الوحل، كان الجميع يتحدثون عن الخريف، والمطر، والزراعة المبكرة، وغيرها من المواضيع الحيوية، ولا أدري لماذا كنت أنا أفكر في الصافية، ولماذا في الحقيقة كنت دائما ما أعقد مقارنة في وعيي ما بين ألم قشي والصافية، والفرق بين المرأتين ليس كبيرا، ألم قشي تجد نفسها تقوم بأفعال وأقوال لا تعبر عنها في واقع الأمر، قد تكون حالة مرضية، وقد تعني هي ذلك، الصافية وذلك حسب النتائج التي خرج بها ما يشبه المؤتمر في بيت أداليا دانيال الصيف الماضي لها شخصيتان؛ شخصية ظاهرة، وهي الشخصية التي نعايشها يوميا وهي الغالبة، وشخصية أخرى لا تظهر للأعين فيما يبدو إلا إذا أثيرت عاطفيا فقط؛ لأنها حتى في لحظات الغضب لا تبدو عليها أي تحولات شاذة أو غريبة، لكل من المرأتين شخصيتان، إذا صح أن نطلق على الصافية لقب امرأه، إلا إذا أخذنا بإفادة الرجلين وإفادة الصافية نفسها، حدثني ود أمونة، وهو في الحقيقة نادرا ما يصمت، عن شيء لم يخبر به أحدا من قبل، وهو مشكلته مع صديقي، قال إن صديقي انفرد به ذات يوم بعد ما حدث بينه والصافية، وقال له إنه يريد أن يتحدث معه في موضوع، ولكن بصراحة ووضوح، ويريد أن يسأله بعض الأسئلة، وعندما أبدى له الموافقة، بادره سائلا: هل أنت شاذ جنسيا؟
قال ود أمونة، قلت له: لا.
قال لي محتجا: كويس؛ حدد موقفك؛ لأنك غير معروف بالنسبة للناس كلهم: إنت مرا ولا راجل؟
قال: قلت له محاولا إغاظته: أنا لا مرا ولا راجل، بعمل عمل النسوان وبعمل عمل الرجال! يعني أنا مرا وراجل!
Unknown page