قال فارس الهيكل: «هل مارست طقس الاعتراف يا أخي؟ وهل سمعت عظة هذا الصباح حتى تخاطر بحياتك بهذه الجرأة؟»
أجاب الفارس المحروم من الميراث: «أنا جاهز لملاقاة الموت أكثر منك.»
قال براين: «إذن فلتأخذ مكانك في ساحة النزال، ولتلق نظرتك الأخيرة على الشمس؛ لأنك ستنام الليلة في الفردوس.»
أجاب الفارس المحروم من الميراث: «شكرا جزيلا على مجاملتك؛ وردا عليها أنصحك بأن تأخذ جوادا نشيطا ورمحا جديدا؛ لأنك، وأقسم بشرفي على ذلك، ستحتاج إلى كليهما.»
بعدما عبر عن نفسه بثقة هكذا كبح جواده، ونزل به متقهقرا المنحدر الذي كان قد صعده، وأجبره بالطريقة نفسها على التراجع للوراء عبر ساحة النزال، حتى وصل إلى الطرف الشمالي، حيث ظل ثابتا منتظرا خصمه.
لم يتجاهل براين دي بوا جيلبرت نصيحة خصمه؛ فاستبدل بجواده جوادا مجربا وجديدا شديد القوة والنشاط. واختار رمحا جديدا ومتينا؛ خشية أن يكون خشب رمحه القديم قد التوى في المواجهات السابقة التي كان قد ثبت فيها. وأخيرا، وضع جانبا درعه الذي كان قد لحقت به بعض الأضرار، وتلقى درعا آخر من تابعه.
عندما وقف البطلان وجها لوجه في طرفي ساحة النزال، كان ترقب الجماهير في أعلى درجاته. ولم يتوقع سوى قليل منهم أن تنتهي المواجهة لصالح الفارس المحروم من الميراث، ولكن شجاعته وبسالته كانتا ضمانا لآمال المشاهدين العريضة.
لم تكد الأبواق تعطي الإشارة حتى اختفى المحاربان من مكانيهما بسرعة البرق، وتقابلا في مركز ساحة النزال بقوة الصاعقة. تفجر الرمحان حتى مقبضيهما إلى شظايا، وبدا في تلك اللحظة أن الفارسين قد سقطا؛ حيث كانت الصدمة قد جعلت كلا الجوادين يتراجعان ويسقطان على رجليهما الخلفيتين. استعاد الفارسان زمامي جواديهما ببراعة باستخدام اللجام والمهماز، وحدق كل منهما في الآخر للحظة، حيث بدت عيناهما تقدحان بالشرر عبر قضبان خوذتيهما، ودار كل منهما نصف دورة، متراجعا إلى طرف ساحة النزال ليأخذ رمحا جديدا من تابعيه.
أطلق المشاهدون صيحة عالية، ملوحين بالأوشحة والمناديل، وهتافات جماعية دلت على مدى اهتمام المشاهدين بالمواجهة التي كانت الأكثر تكافؤا والأفضل أداء؛ مما زاد اليوم بهاء، ولكن ما إن عاد الفارسان إلى مكانيهما حتى خمد صخب التصفيق، وحل مكانه الصمت العميق والمميت، حتى بدا أن الجماهير كانوا يخشون حتى أن يتنفسوا.
سمح ببضع دقائق من التوقف حتى يستعيد المتنافسان وجواداهما أنفاسهم، ثم أشار الأمير جون لحاملي الأبواق بعصاه أن يعلنوا بدء الهجوم. اندفع البطلان للمرة الثانية من مكانيهما، والتقيا في مركز ساحة النزال بنفس السرعة والبراعة والعنف، ولكن ليس بالحظ المتساوي ذاته كما في الجولة الأولى.
Unknown page