Kitab al-Istigatat
كتاب الاستغاثة
ففي الجملة أحق البقاع بدعاء الله تعالى فيها المساجد التي يصلى فيها والمشاعر التي شرع الله تعالى فيها الدعاء والذكر وأمر أن يكون الدين خالصا له كما قال تعالى: {قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}
فإذا كانت الصلاة والذكر لله وحده لم يكن ذلك مشروعا عند القبر وكما لا يذبح للميت ولا عند قبره بل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العقر عند القبر وكره العلماء الأكل من تلك الذبيحة فإنها شبه ما ذبح لغير الله فلو كانت مقابر الأنبياء والصالحين مما يستحب الدعاء عندها لكانت إما من المساجد وإما من المشاعر التي يحج إليها وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا وهذا بل لعن الذين يتخذون القبور مساجد
وقال أيضا في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره «لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث كنتم فإن صلاتكم تبلغني» فنهى أن يتخذ قبره عيدا وهذا معنى المشاعر فإن المشاعر تتخذ أعيادا أي يجتمع الناس عندها في أوقات معتادة والعيد اسم للوقت وللمكان الذي يعتاد الاجتماع فيه وقد يعبر به عن نفس الاجتماع المعتاد ولهذا سمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة عيدا وقال: «إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين»
Page 525