Hujjat Allah Baligha
حجة الله البالغة
Investigator
السيد سابق
Publisher
دار الجيل
Edition Number
الأولى
Publication Year
سنة الطبع
Publisher Location
بيروت - لبنان
رسما نَفَعت من غوائل الرسوم، وَإِذا حَافظ صَاحبهَا على مَا فِيهَا من هيآت يُؤَاخذ النَّاس بهَا أنفسهم عِنْد الدُّخُول على الْمُلُوك وعَلى النِّيَّة المستصحبة والاذكار نَفَعت من سوء الْمعرفَة، وَإِذا عقل الْإِنْسَان أَن هَذِه كَمَاله، فآداب جوارحه حَسْبَمَا عقل من غير دَاعِيَة حسية وَأكْثر من ذَلِك - كَانَت تمرينا على انقياد الطبيعة لِلْعَقْلِ وَالله أعلم.
(بَاب أسرار الصَّلَاة)
اعْلَم أَن الْإِنْسَان قد يختطف إِلَى الحظيرة المقدسة، فيلتصق بجناب الله تَعَالَى أتم لصوق، وَينزل عَلَيْهِ من هُنَالك التجليات المقدسة، فتغلب على النَّفس ويشاهد هُنَالك مَا لَا يقدر اللِّسَان على وَصفه، ثمَّ يرد إِلَى حَيْثُ كَانَ، فَلَا يقر بِهِ الْقَرار، فيعالج نَفسه بِحَالَة هِيَ أقرب الْحَالَات السفلية من استغراق النَّفس فِي معرفَة بارئها، ويتخذها شركا لاقتناص مَا فَاتَهُ مِنْهَا، وَتلك الْحَالة هِيَ التَّعْظِيم والخضوع والمناجاة فِي ضمن أَفعَال وأقوال بنيت لذَلِك، ويتلوه رجل سمع الْمخبر الصَّادِق يَدعُوهُ إِلَى هَذِه الْحَالة، ويرغب فِيهَا، فَصدقهُ بِشَهَادَة قلبه فَفعل، وَوجد مَا وعد بِهِ حَقًا، وارتقى إِلَى مَا يرجوه، ثمَّ يتلوه رجل أَلْجَأَهُ الْأَنْبِيَاء إِلَى الصَّلَوَات، وَهُوَ لَا يعلم بِمَنْزِلَة الْوَالِد يحبس أَوْلَاده على تَعْلِيم الصناعات النافعة، وهم كَارِهُون، وَرُبمَا يسْأَل الْإِنْسَان من
ربه دفع بلَاء أَو ظُهُور نعْمَة، فَيكون الْأَقْرَب حِينَئِذٍ الِاسْتِغْرَاق فِي أَفعَال وأقوال تعظيمية لتؤثر همته الَّتِي هِيَ روح السُّؤَال، وَذَلِكَ مَا سنّ من صَلَاة الاسْتِسْقَاء.
وأصل الصَّلَاة ثَلَاثَة أَشْيَاء.
أَن يخضع الْقلب عِنْد مُلَاحظَة جلال الله وعظمته، ويعبر اللِّسَان عَن تِلْكَ العظمة، وَذَلِكَ الخضوع أفْصح عبارَة.
وَأَن يُؤَدب الْجَوَارِح حسب ذَلِك الخضوع قَالَ الْقَائِل.
(أفادتكم النعماء مني ثَلَاثَة ... يَدي ولساني وَالضَّمِير المحجبا)
وَمن الْأَفْعَال التعظيمية أَن يقوم بَين يَدَيْهِ مناجيا، وَيقبل عَلَيْهِ مواجها، وَأَشد من ذَلِك أَن يستشعر ذله وَعزة ربه، فينكس رَأسه إِذْ من الْأَمر المجبول فِي قاطبة الْبشر والبهائم أَن رفع الْعُنُق آيَة التيه والتكبر، وتنكيسه آيَة الخضوع والاخبات، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:
1 / 137