فقالت له: «حقا؟ حسنا، في انتظاركم أشياء كثيرة لتطلعوا إليها. اطلبوا من أمهاتكم وضع هذه الأزهار في ماء فاتر. بل لا تقولوا لهن شيئا؛ فأنا موقنة أنهن يعلمن ذلك بالفعل. لقد أعطيتكم أغصانا لم يكتمل نضجها بعد؛ ولذلك ستظل مزهرة فترة طويلة.»
شكرها الصبية؛ جيمي في البداية، ثم تبعه الآخران، وساروا تجاه وسط البلدة وأذرعهم محملة بالأغصان. لم تكن لديهم أي نية للرجوع والعودة بها إلى المنزل، وإنما اعتمدوا على جهل السيدة ويلينس بأماكن منازلهم. وبعد أن ابتعدوا بعض الشيء عنها، اختلسوا النظر وراءهم ليروا ما إذا كانت تراقبهم.
لم تكن تراقبهم، كما أن المنزل الكبير القريب من الرصيف حجب الرؤية بينهم وبينها على أي حال .
منحتهم الأزهار شيئا ليفكروا فيه؛ فكروا في الإحراج من حملها، وفي مشكلة التخلص منها، ولولا ذلك، لفكروا في السيد ويلينس وزوجته، وانشغال الزوجة في الحديقة بينما زوجها غارق في سيارته. هل كانت تعلم مكانه أم لا؟ بدا الأمر وكأنها لا تعلم. هل كانت تعلم حتى باختفائه؟ لقد تصرفت كأن كل شيء على ما يرام. وعندما كانوا واقفين أمامها، بدا لهم أن تلك هي الحقيقة بالفعل؛ فشعروا بأن ما يعلمونه وما رأوه يزوي وينهزم أمام جهل الزوجة به.
مرت بهم فتاتان تقودان دراجتيهما عند ناصية الشارع. كانت إحداهما دوريس، شقيقة باد، وعند رؤية الصبية، أخذتا في الصياح عاليا. «يا لها من أزهار جميلة! ترى أين حفل الزفاف؟ كم تبدن جميلات يا وصيفات العروس!»
فصاح باد بأفظع ما اهتدى إليه من كلمات. «انظري، الدماء تغرق مؤخرتك.»
بالطبع، لم تكن هناك أي دماء، لكن هذا ما حدث ذات مرة أثناء عودتها من المدرسة عندما بللت الدماء تنورتها، ورآها الجميع. كان موقفا لن يمحى من ذاكرتها إلى الأبد.
كان باد موقنا من أنها ستشي به في المنزل، لكنها لم تفعل؛ فخزيها من ذلك الحادث كان هائلا على نحو حال دون ذكرها أي شيء عنه، حتى وإن كان الغرض هو إيقاعه في المتاعب. •••
أدرك الصبية حينذاك أن عليهم التخلص من الأزهار على الفور؛ فما كان منهم إلا أن ألقوا بها تحت إحدى السيارات المتوقفة بجانب الطريق، ونفضوا عن ملابسهم أي بتلات متساقطة عليها أثناء توجههم نحو الميدان.
كانت أيام السبت لا تزال مهمة آنذاك؛ إذ كان يحضر أهل الريف إلى البلدة خلالها. كانت السيارات قد توقفت بالفعل حول الميدان وفي الشوارع الجانبية. وشباب الريف من الجنسين - والأطفال الأصغر منهم سنا من سكان البلدة والريف - يتوجهون للسينما لحضور الحفلة النهارية.
Unknown page