لم تقل سوى: «هل أنت واثق مما تقول؟»
رد عليها: «بالطبع.» ثم أردف بإخلاص: «لن أتخلى عنك البتة.»
ليس هذا من كلامه المعتاد؛ ثم أدركت بعد حين أنه يقتبس من المسرحية، ويا لها من مفارقة! اقتبس عبارته من حديث أورفيوس ليوريديس خلال دقائق من لقائهما الأول في كافيتريا المحطة.
هكذا انقلبت حياتها وسارت خطوات للأمام؛ أضحت من أولئك الذين هربوا، صارت امرأة تخلت عن كل شيء بشكل صادم غير مفهوم. قد يقول الناس هازئين إنها هربت من أجل الحب، لكنهم يقصدون من أجل الجنس. ما كان أي من هذا ليحدث لولا الجنس.
لكن هل هناك اختلاف كبير؟ ليس هناك اختلاف بالرغم من كل ما يقال. تلامس واحتكاك، حركات، اتصال، ونتائج. ليست بولين من النساء اللائي يصعب التوصل معهن إلى نتائج. براين خرج بتلك النتائج، الأرجح أن أي شخص كان سيخرج بتلك النتائج؛ أي شخص ليس أخرق أو مثيرا للاشمئزاز من الناحية الأخلاقية.
لكن، في الواقع، ليس جميع الرجال متماثلين. مع براين - خاصة مع براين الذي منحته شعورا أنانيا بالرضا والذي عاشت معه في شراكة زوجية - لم يكن ليحدث أبدا مثل هذا التعري، هذا الهروب الحتمي، لم تكن لتشعر معه أبدا بهذه المشاعر التي تشعر بها الآن دون معاناة وإنما تستسلم لها كما تستسلم للتنفس أو الموت. غير أنها تظن أنها ما كانت لتشعر بكل هذا إلا وهي عارية في أحضان جيفري؛ نظرا للحركات التي يقوم بها جيفري، وثقل جسد جيفري الذي يحوي داخله قلب جيفري، وكذلك عاداته وأفكاره وطباعه الغريبة وطموحه ووحدته (وكل ذلك - حسب علمها - يرجع في جزء كبير منه إلى شبابه).
حسب علمها، وليس لها من العلم الكثير. لا تكاد بولين تعرف شيئا عما يفضله في الطعام أو الموسيقى، وعن الدور الذي تلعبه أمه في حياته (لا شك أنه دور غامض لكنه مهم، مثل الدور الذي يلعبه والدا براين). أمر واحد فقط هو الذي تثق به ثقة عمياء، هو أن كل ما يرغبه أو يمقته محدد وبدقة.
تسللت من تحت يد جيفري ونهضت من تحت الغطاء - الذي تفوح منه رائحة منظف نفاذة - ونزلت إلى الأرض حيث كانت ملاءة السرير ملقاة، ولفت جسدها بذات الملاءة الصفراء المائلة للخضرة. ما أرادت أن يفتح عينيه ويراها من الخلف عارية فيلاحظ تدلي مؤخرتها. صحيح أنه رآها عارية من قبل، لكنه نظر إليها نظرة عامة في لحظات أخرى أكثر تسامحا.
مضمضت فمها واغتسلت بماء وقطعة صابون؛ جامدة كالحجارة، وصغيرة في سمك قالبي شوكولاتة رفيعين. كان مهبلها المتورم كريه الرائحة منهكا من كثرة ممارسة الجنس. كما أنها تبولت بصعوبة شديدة، وعانت أيضا الإمساك فيما يبدو. في الليلة الماضية حين خرجا وتناولا البرجر، لم تجد في نفسها رغبة في الأكل. من المرجح أنها ستتعلم الاعتياد على هذه الأشياء مرة أخرى، وستظل تلعب دورها المهم الطبيعي في حياتها، لكنها في تلك اللحظة لا تملك أن توليها فيما يبدو انتباهها.
كان لديها في حقيبة يدها بعض النقود، فوجدت أنه من الضروري أن تخرج لتبتاع فرشاة ومعجون أسنان ومزيلا لرائحة العرق وشامبو، وكذلك جيل مهبليا. ففي الليلة الماضية، استخدما الواقي الذكري في المرتين الأوليين، لكنهما لم يستخدما أي شيء في الثالثة.
Unknown page