History of the Arabic Heritage by Sezgin - Poetry
تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
Publisher
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Genres
أما أسباب وجود الإسناد المنقطع فى القرن الأول الهجرى/ (السابع الميلادى) فمن المرجح أنها ترجع إلى كون الشعر يرجع إلى عصر أقدم من عصر الحديث الشريف، وأن رواة الشعر كانوا أقل، وأنه لم يكن هناك مانع دينى من رواية الشعر دون ذكر الرواة، ويرجع هذا أيضا إلى أن طرق الرواية التى كانت ملزمة فى علم الحديث لم تنتقل إلى مجال رواية الشعر إلا فى وقت متأخر نسبيا.
وقد أشار ابن سلّام الجمحى إلى هذا القصور، بأن بعض الرواة اكتفوا بنسخ الشعر من كتاب إلى كتاب، دون أن يتثبتوا منه عند البدو، أو يقرءوه عند العلماء (١٦٠).
ذكر ابن سلّام الجمحى أن حمّادا هو أول من جمع الشعر العربى القديم، وذكر الأخبار المتصلة به (١٦١). ومن هذا لا يجوز لنا أن نستنتج أن حمّادا الراوية/ كان فى الواقع أول جامع للشعر، أو أنه أول من جمع المأثور الشفوى، ففى مجال علم الحديث- مثلا- عدّ معاصره الذى يكبره بنحو ثلاثين عاما، وهو الزّهرى (المتوفى ١٢٤ هـ/ ٧٤٢ م) «أول من دوّن الحديث» (١٦٢) «وأول من أسند الأحاديث» (١٦٣). ولكنا نعلم علم اليقين أن المقصود ليس أن الزهرى جمع مادة شفوية أو أنه أول جامع لها على الإطلاق، وإنما تفسير هذه المعلومات أن كلا العالمين كانت له شهرة بوصفه «أول» الجامعين الكبار ذوى الشأن للشعر أو للحديث.
إن تاريخ رواية الشعر العربى القديم يعرف مكانة خلف الأحمر بوصفه مؤسس «السماع» فى البصرة (١٦٤)، وفى هذا الضرب من ضروب الرواية ما كان مألوفا عند
_________
(١٦٠) انظر: طبقات فحول الشعراء ٦.
(١٦١) انظر: المرجع السابق ص ٤٠، وما كتبه نولدكه، فى كتابه فى تاريخ القرآن.
Noldeke،Geschichtedes Qorans II ٦ وما كتبه بلاشير، فى تاريخ الأدب العربى Blachere،Histoire ١٠٠ وفيه أن كلمة (جمع) تعنى فى مفهومه حفظه فى ذاكرته.
(١٦٢) انظر: جامع بيان العلم، لابن عبد البر ١/ ٧٣، وفتح البارى، لابن حجر ١/ ١٧٤.
وانظر أيضا: الأصل الألمانى لتاريخ التراث العربى. I،٥٧
(١٦٣) انظر: مقدمة الجرح والتعديل، لابن أبى حاتم ٢٠.
(١٦٤) انظر: إرشاد الأريب، لياقوت ٤/ ١٧٩.
1 / 43