كانت بالطبع متقدمة في العمر، ربما تخطت الخمسين، وامرأة في مثل هذا العمر يمكن أن تحظى بقدر من السلطة.
لكني لا يمكنني تخيل أن الخالة دون يمكنها أن تحصل أبدا على هذا القدر. كانت لا تتغير في شبابها الزاهي الذي يحدوه الخوف. وفي أيام إقامتي الأولى معهما، عندما كنت أعتقد أن لدي الحق في التجول في أي مكان، صعدت إلى غرفة نوم خالتي وزوجها كي ألقي نظرة على صورة لها موضوعة على طاولة الفراش التي بجواره.
كانت لا تزال تتمتع بتلك المنحنيات الجذابة في جسدها، والشعر المموج ذي اللون الداكن، اللذين كانت تظهر بهما في تلك الصورة، لكنها كانت تضع فوق رأسها قبعة حمراء غريبة الشكل تخفي جزءا من ذلك الشعر، وترتدي كيبا ذا لون أرجواني. وعندما نزلت للطابق السفلي، سألتها عما كانت ترتديه في تلك الصورة، فردت: «ماذا تقصدين؟ أوه! إنه لباس طالبات التمريض.» «هل كنت ممرضة؟»
قالت: «أوه، لا.» ثم ضحكت كما لو أن ذلك يحمل قدرا من الجرأة الشديدة. ثم أضافت: «لم أكمل دراستي في هذا المجال.» «هل هذا هو ما جعلك تلتقين بالعم جاسبر؟» «أوه، لا. لقد كان يمارس الطب قبل ذلك بسنوات عديدة، لقد التقيت به عندما كانت زائدتي الدودية على وشك الانفجار. لقد كنت أقيم عند إحدى صديقاتي - أعني عند عائلة إحدى صديقاتي هنا - وشعرت بآلام شديدة لكني لم أدر كنهها، وشخص هو الحالة وأستأصل زائدتي الدودية.» أحمرت وجنتاها عند هذا الجزء أكثر من المعتاد، وقالت إنه ربما علي ألا أصعد إلى غرفة النوم إلا عندما أحصل على إذن بذلك، لكني فهمت أن هذا كان يعني أنه ليس من حقي ذلك مطلقا. «هل ما زالت صديقتك هذه تقيم هنا؟» «أوه، يجب أن تعرفي أن المرء لا يحتفظ بصداقاته بمجرد أن يتزوج.»
وتقريبا في نفس الوقت الذي علمت فيه هذه الحقائق، اكتشفت أيضا أن العم جاسبر لديه عائلة، وذلك بخلاف ما كنت أعتقد من قبل؛ فقد كانت له أخت تحقق هي الأخرى نجاحات كبيرة، على الأقل من وجهة نظري؛ فقد كانت عازفة؛ عازفة كمان. وكان اسمها مونا، وربما هذا هو اسم الشهرة، أما اسمها الحقيقي الذي عمدت به فهو مود، كان اسمها مونا كاسل. المرة الأولى التي علمت فيها بوجودها كانت عندما أقمت في البلدة لنحو نصف العام الدراسي، ولمحت في طريق عودتي من المدرسة إلى المنزل ذات يوم ملصقا من الملصقات الموضوعة على نافذة مكتب الجريدة، يعلن عن إقامة حفل موسيقي في مبنى البلدية بعد أسبوعين، وسيحيي الحفل ثلاثة عازفين من تورونتو. كانت مونا كاسل في الإعلان هي المرأة الطويلة القامة ذات الشعر الشائب، وكانت تمسك بيدها آلة كمان، وعندما عدت إلى المنزل أخبرت الخالة دون بتشابه الأسماء، ولكنها قالت: «أوه، نعم. إنها أخت زوجي.»
ثم أردفت قائلة: «لكن لا تذكري شيئا عن هذا ثانية.»
ثم شعرت أن عليها أن تفصح عن المزيد. «أتعلمين أن زوجي لا يروق له مثل هذا النوع من الموسيقى؛ الموسيقى السيمفونية؟»
ثم أضافت المزيد.
قالت إن أخته تكبره ببضع سنوات، وقد حدث شيء ما حينما كانا صغيرين؛ فقد رأى بعض الأقارب أنه لا بد من أخذ الفتاة ومنحها فرصة أفضل لأنها تتمتع بموهبة موسيقية كبيرة؛ لذا فقد شبت بطريقة مختلفة، ولم تكن ثمة صفات مشتركة بينها وبين أخيها. وقد كان هذا بالفعل هو كل ما تعرفه عنها، وحتى هذا القدر الضئيل الذي حكته لي خالتي من القصة، ما كان العم جاسبر ليرضى بأن تقصه على مسامعي.
قلت: «هل هو لا يحب حقا هذا النوع من الموسيقى؟ إذن ما نوع الموسيقى الذي يفضله؟» «يمكنك القول إنه يفضل الأشكال الأكثر قدما من الموسيقى، لكن بالقطع ليس الموسيقى الكلاسيكية.» «هل يحب فرقة البيتلز؟» «أوه يا إلهي، بالطبع لا.» «ولا موسيقى لورنس ويلك؟» «لا يجوز لنا أن نناقش هذا، أليس كذلك؟ لم يكن ينبغي علي الخوض في هذا.»
Unknown page