( قوله في المتن وهو من قصاص الشعر إلى آخره) نوقش المصنف في هذا التركيب من وجوه (الأول) أن قوله من قصاص شعره ليس كذلك؛ لأن الوجه في الطول من مبدأ سطح الجبهة إلى منتهى اللحيين كان عليه شعر أو لم يكن . (الثاني) أن قوله وإلى شحمتي الأذن معطوف على قوله إلى أسفل ذقنه فيكون داخلا في حكمه، ويكون المعنى حد الوجه طولا من قصاص شعره إلى أن ينتهي إلى أسفل الذقن وإلى أن ينتهي إلى شحمتي الأذن، وليس كذلك على ما لا يخفى. (الثالث) كان ينبغي أن يقال وإلى شحمتي الأذنين؛ لأن لكل أذن شحمة والعرض من الشحمة إلى الشحمة وليس للأذن الواحدة شحمتان. (الرابع) يلزم من هذا الحد أنه يجب غسل داخل العينين والأنف والفم وأصول شعر الحاجبين واللحية والشارب وونيم الذباب ودم البراغيث، وليس كذلك وأجيب عن الأول أنه باعتبار الغالب وعن الثاني بأن فيه مقدرا وهو ما ذكرناه، وإن كان فيه تعسف وهو أيضا بعينه عبارة صاحب الهداية حيث قال: وحد الوجه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن وإلى شحمتي الأذن؛ لأن المواجهة تقع بهذه الجملة وهو مشتق منها، وقد علم أن الفقهاء يتسامحون في إطلاق العبارات ولكن العبارة المنقحة أن يقال وهو من قصاص شعره إلى أسفل ذقنه ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن وعن الثالث بما قدرنا أيضا مع ما فيه من المسامحة، وعن الرابع أن هذه الأشياء سقطت للحرج وعلى حد من يقول الوجه ما يواجهه الإنسان لا تدخل هذه الأشياء لخروجها عن المواجهة عيني وفي القاف ثلاث لغات والضم أعلاها وقوله إلى أسفل الذقن بفتح الذال المعجمة والقاف وهو مجتمع لحييه
Page 2
( قوله في المتن ويديه بمرفقيه) وما بينهما من الأصابع واليد الزائدتين ويغسل الأقطع ما بقي من محل الفرض حتى طرف العضو كنون. (قوله: لأن الغاية لا تدخل في المغيا) أي كالليل في الصوم وهو قول زفر (قوله إلى المرافق) لأن قوله {وأيديكم} [النساء: 43] يتناول كل الأيدي إلى المناكب وهو لغة (قوله بلفظ التثنية) أي لما قال إلى الكعبين دل أنه ثنى في كل رجل (قوله ومن الناس) وهم الروافض قال في معراج الدراية وعند الروافض المسح على ظاهر القدم والأصابع إلى الكعبين والغسل غير جائز. (قوله على من قرأ بالجر) أي هو حمزة والكسائي وحفص (قوله في المتن ومسح ربع رأسه) والغسل ينوب عنه ولو مع الوجه، والوضوء ثلاثة أنواع فرض على المحدث للصلاة ولو جنازة أو نفلا وما في معناه كسجدة التلاوة عند من يعتبرها ومس المصحف، وواجب للطواف بالبيت ولهذا ينجبر بالدم، وسنة للنوم على طهارة وقبل الغسل وبعد الغيبة والنميمة والكذب وغسل الميت وحمله وعند الأذان والإقامة والخطبة والسعي بين الصفا والمروة وللجنب عند أكله وشربه ونومه ويقظته ولزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد أكل لحم الجزور للخروج من الاختلاف انتهى.
(قوله اعتبارا لآلة المسح) وجه اعتبار الآلة أن الباء إن دخلت على المحل اقتضت استيعاب الآلة دون المحل، وأكثر الآلة قائمة مقام كلها فيجب المسح بثلاث أصابع انتهى يحيى (قوله وأقرب منه مسح الرأس) قياس اللحية على شعر الرأس أظهر من قياسها على الحاجبين وأهداب العينين؛ لأن ما تحت اللحية من البشرة غير ظاهر كما في شعر الرأس بخلاف الحاجبين انتهى (قوله فلا يجب) وعند الشافعي يجب وهو أصح مذهبه لأنه من الوجه بحكم التبعية انتهى كاكي (قوله لأنه ليس من الوجه) تقول رأيت وجهه دون لحيته ولا يقال طال وجهه دون لحيته ولا يقال طال وجهه ويقال طالت لحيته انتهى
[سنن الوضوء]
(قوله وسنة الوضوء) ثلاثة عشر أي على ما ذكره انتهى عيني (قوله في المتن إلى رسغيه) قال في القاموس الرسغ كالقفل مفصل ما بين الساعد والكف والساق والقدم انتهى (قوله في المتن ابتداء) نصب على الظرف أي في ابتداء الوضوء ويجوز أن يكون حالا على تقدير مبتدئا انتهى عيني السنة نفس الابتداء بفعل اليدين، وأما نفس الغسل ففرض انتهى
Page 3
قوله وتقييده بالمستيقظ في الحديث) «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» أخرجه البخاري بهذه العبارة، وبقية الجماعة بألفاظ مختلفة انتهى عيني (قوله وذكر اسم الله تعالى) أي في ابتدائه لقوله - صلى الله عليه وسلم - «كل أمر ذي بال» الحديث انتهى غاية (قوله فلم يفت) وهو إنما يستلزم في الأكل تحصيل السنة في الباقي لاستدراك ما فات انتهى. (قوله إنه يسمي فيهما) أي لا حالة الانكشاف ولا في محل النجاسة انتهى كمال.
(قوله في المتن والسواك) أي استعماله وذكر في كتاب الاستحسان من المحيط أن العلك للمرأة يقوم مقام السواك لأنها تخاف من السواك سقوط سنها؛ لأن سنها أضعف من سن الرجل وهو ما ينقي الأسنان انتهى فإن قلت من فوائده أنه يشد اللثة فكيف يستقيم هذا فالجواب أنه لا بعد في كون المواظبة عليه قد تفضي إلى سقوط الأسنان من بعض أفراد الإنسان، ومما يشهد به ما أخرجه الطبراني في الأوسط برجال الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال «لزمت السواك حتى خشيت أن يدرد في» والدرد سقوط الأسنان لكن الوجه أن يقال لا تستحب لمن هذه حالته المواظبة عليه بل يستحب له فعله أحيانا انتهى. (قوله والأول أظهر) قال العيني قلت بل الأظهر هو الثاني؛ لأن المنقول عن أبي حنيفة - رضي الله عنه - على ما ذكره صاحب المفيد أن السواك من سنن الدين فحينئذ يستوي فيه كل الأحوال انتهى.
(قوله والصحيح أنهما) أي التسمية والسواك انتهى (قوله عدل عن المضمضة) والمضمضة إدارة الماء في الفم، وأما الاستنشاق فهو جذب الماء بالمنخرين انتهى (قوله يشعر بالاستيعاب) وإما تنبيها على حديهما انتهى عيني (قوله بالغ في المضمضة والاستنشاق) المبالغة في المضمضة بالغرغرة وفي الاستنشاق بالاستنثار انتهى.
كافي (قوله وهو) أي غسل فمه وأنفه انتهى (قوله واظب عليه) ولقائل أن يقول فعلى هذا ينبغي أن تكونا واجبتين إذ لم يذكروا عنه تركهما ولا مرة واحدة والمواظبة على الفعل مع عدم الترك دليل الوجوب انتهى. (قوله باليد اليسرى) أي لأن الأنف موضع الأذى كموضع الاستنجاء انتهى (قوله يجوز بالجر) أي ويجوز بالرفع عطفا على الغسل كما قال ذلك في السواك. قال في الظهيرية: وإذا أخذ الماء بكفه فمضمض ببعضه واستنشق بالباقي جاز، ولو كان على خلافه لا يجوز انتهى (قوله ليس بمحل الفرض) لعدم وجوب إيصال الماء إلى باطن الشعر، ويشكل على هذا بالمضمضة والاستنشاق فإنهما سنتان مع أنهما ليسا في محل الفرض، وقال الكاكي في جوابه إنهما في الوجه والوجه محل الفرض إذ لهما حكم الخارج من وجه كما ذكرنا انتهى.
(قوله: وأما تخليل الأصابع) أي أصابع اليد والرجل انتهى (قوله فسنة إجماعا للأمر الوارد) فإن قيل ينبغي أن يكون التخليل واجبا نظرا إلى الأمر كما قال مالك في اليدين واحد وثانيها وفي الرجلين أيضا مع كونه مقرونا بالوعيد لتاركه قلنا هذا لا يفيد الفرضية لكونه من الآحاد ولا الوجوب؛ لأنه لا مدخل للوجوب في الوضوء لأنه شرط الصلاة فيكون تبعا لها، ولهذا يسقط بسقوطها ويجب بوجوبها فلو قلنا
Page 4
بالوجوب كما في الصلاة لساوى التبع الأصل كذا في الكافي وغيره لكن هذا ضعيف، وقد بينا وجه الضعف في بيان الوصول في شرح الأصول وجامع الأسرار في شرح المنار بل الواجب القوي أن الأمر الثابت بخبر الواحد إنما يفيد الوجوب إذا لم يمنعه مانع ولم توجد قرينة صارفة عن ظاهره كخبر صدقة الفطر والأضحية وخبر الفاتحة.
أما إذا وجد لا يمكن القول بالوجوب وهاهنا عارض هذا الأمر من تعليم الأعرابي والأخبار التي حكي فيها وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن التخليل لم يذكر فيها فحمل على الندب أو السنة التي دون الوجوب عملا بالدليل بقدر الإمكان وهكذا جميع الدلائل التي تدل ظواهرها عليه في الوضوء معارض بما يمنع القول به إذا تأملت فيها وقال شيخي العلامة في قوله - عليه الصلاة والسلام - «خللوا» الحديث دليل على أن وظيفة الرجل الغسل لا المسح فكان حجة على الروافض انتهى كاكي (قوله «فقد تعدى وظلم») قال الكرماني إنه ضعيف، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: إنه لم يجد له أصلا انتهى فإن قلت لو كان النقص من الثلاث ظلما كان التثليث واجبا لا سنة قلت: كونه ظلما باعتبار عدم رؤيته سنة لا بمجرد النقض انتهى يحيى.
(قوله والثالث نفل) والظاهر أنه بمعنى الأول انتهى فتح (قوله وقيل الزيادة على الحد المحدود إلى آخره) رد هذا التأويل قوله - عليه الصلاة والسلام - «من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» والحديث في المصابيح وجوابه أن المراد هو الزيادة على اعتقاد أن الفرض لم يحصل بدونها انتهى. (قوله ثم زاد لحاجة أخرى) كإرادة الوضوء أو طمأنينة القلب عند الشك انتهى كافي (قوله وكذا النقصان لحاجة أخرى) كإعواز الماء انتهى (قوله أن ينوي ما لا يصح إلا بالطهارة من العبادة) فلو نوى الصوم مثلا لا يجزئه عن الصلاة، والحاصل أن ظاهر عبارة المتن تفيد أن السنة نية الطهارة، وليس كذلك بل السنة أن ينوي عبادة لا تصح بدون الطهارة كالصلاة فلا يصح الحمل على الظاهر إلا على قول البعض انتهى يحيى ووقتها عند غسل الوجه ومحلها القلب انتهى جوهرة قال القدوري - رحمه الله - في مختصره: ويستحب للمتوضئ أن ينوي الطهارة قال الشيخ قاسم - رحمه الله - في شرحه أي يقصد بقلبه إيقاع أفعال الوضوء للطهارة امتثالا لأمر الله تعالى وما قاله أبو زرعة: إن الماء لرفع الحدث واستباحة الصلاة فليس بشيء؛ لأن النية عمل القلب ولا معتبر بالنسيان، والأصح أن النية سنة لأن بها يصير الفعل قربة بالإجماع انتهى.
(قوله في المتن ومسح كل رأسه مرة) وتركه دائما إثم قال في الظهيرية والتثليث في الغسل سنة والتثليث في مسح الرأس بالمياه المختلفة بدعة، وعن أبي حنيفة في غريب الرواية سنة انتهى. (قوله في المتن ثم يمسح أذنيه بإصبعيه) قال في الينابيع ثم يدخل السبابة في أذنه ويدير إبهاميه من ورائهما انتهى قال في شرح مسكين وإدخال الأصابع في صماخ الأذنين أدب، وليس بسنة هو المشهور وكذا في المحيط انتهى
Page 5
قوله من أنه يجافي كفيه) أي يمد الأصابع من مقدم الرأس إلى القفا ، ثم يمسح الفودين بالكفين انتهى يحيى السيرامي (قوله لا بد من الوضع) أي وضع الكفين ومده انتهى. (قوله وقال الشافعي ثلاثا) وهو رواية عن أبي حنيفة انتهى كافي (قوله ولأن التكرار) أي ولأن تكرار المسح غسل فتغير وظيفة الرأس، وقياسنا أولى من قياس الشافعي - رضي الله تعالى عنه - الممسوح على المغسول لأنه قياس الممسوح على الممسوح انتهى.
ابن فرشتة (قوله المنصوص عليه من جهة العلماء) ليخرج المنصوص عليه من جهة النص فإنه لا تجوز مخالفته (قوله «لا يقبل الله صلاة امرئ» إلى آخره) هذا الحديث ضعفه أبو بكر الرازي وقال النووي هو ضعيف غير معروف انتهى كاكي (قوله على القيام إلى الصلاة) فصار كأنه قال: والله أعلم فاغسلوا هذه الأعضاء (قوله وهو) أي نص القرآن أو الشافعي انتهى قوله تعالى {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} [الأعراف: 11] أي وصورناكم وقوله تعالى {فلا اقتحم العقبة} [البلد: 11] إلى قوله تعالى {ثم كان من الذين آمنوا} [البلد: 17] أي وكان من الذين آمنوا وقت الإطعام؛ لأن إطعام الكافر لا ينفع ولو آمن بعده كذا في أصل نسخة الشيخ يحيى السيرامي التي بخط الشيخ شمس الدين الزرايتي قال السيرامي لم يوجد هذا في المسودة التي بخط المصنف.
(قوله ولم يقل به أحد) أي لم يقل أحد بعدم قبول الصلاة بدون آدابه فعلم أن عدم القبول راجع لأصل الوضوء دون سننه وآدابه انتهى يحيى
[مستحبات الوضوء]
. (قوله في المتن ومسح رقبته) أي بظهر اليدين لعدم استعمال بلتهما والحلقوم بدعة انتهى كمال، وقال في الاختيار ومسح الرقبة قيل سنة وقيل مستحب انتهى
[آداب الوضوء]
(قوله وأن لا يستعين فيه بغيره) قال في الاختيار ويكره أن يستعين في وضوئه بغيره إلا عند الفجر ليكون أعظم لثوابه وأخلص لعبادته انتهى وفي صحيح البخاري «أن أسامة صب الماء على النبي - صلى الله عليه وسلم - في وضوئه»، وكذلك المغيرة بن شعبة وفي شرحه لمغلطاي قال في الطبري صح عن ابن عباس أنه صب على يدي عمر الوضوء وروي عن ابن عمر المنع عنه ، والصحيح خلافه لأن راوي المنع عنه أيقع وهو مجهول، وثبت أن مجاهدا كان يسكب الماء على ابن عمر فيغسل رجليه، وكذا النهي عن علي ليس بصحيح؛ لأن رواية النضر بن منصور عن أبي الجون عنه وهما غير حجة في الدين، ولقائل أن يقول أسامة تبرع بالصب وكذا غيره من غير أمر منه - صلى الله عليه وسلم - فهل يجوز أن يستدعي الإنسان
Page 6