61

Harb Wa Salam

الحرب والسلم (الكتاب الأول): إلياذة العصور الحديثة

Genres

قالت مدام كاراجين: يزعمون أن الحرب قد أعلنت.

فأجاب الكونت: إنهم منذ زمن يتشدقون بهذا القول، حتى باتت أعصابنا مرهقة من كثرة التكرار.

وكرر ملمحا إلى جملته الأولى: يا للصداقة الجميلة! أليس كذلك؟ لقد دخل في فيلق الخيالة.

لم تستطع مدام كوراجين التخلص من ورطتها إلا بهز رأسها، فبان نيكولا يجيب بدلا عنها في شيء من الاحتداد؛ إذ بدا تفسير أبيه لسلوكه على شيء من القسوة. قال: ولكن، لا علاقة للصداقة بالأمر، إن الجيش يجتذبني، وهذا هو السبب.

وألقى على ابنة عمه وعلى الآنسة كاراجين نظرة، فأيدتاه كلتاهما بابتسامة.

قال الكونت وهو يهز كتفيه: إن الكولونيل شويبرت مدعو لتناول العشاء عندنا، إنه قائد فرسان بافلوغراد، إنه عندما ينهي عطلته سيأخذ ابني الشقي معه، ماذا أقدر أن أعمل؟

كان يتكلم بلهجة مازحة، لكنه كان واضح الانشراح للحادث الوشيك.

قال الابن: أكرر عليك القول يا أبي، إنك إذا كنت لا ترغب في ذهابي، بقيت في جانبك، غير أن الحظيرة العسكرية هي وحدها التي تروق لي. إن السياسة والإدارة لا تصلحان لي؛ لأنني لا أستطيع إخفاء عواطفي وشعوري.

لم يكف لحظة - خلال هذا القول - عن النظر إلى الفتيات بتظرف الشباب الجريء، وكانت القطة الصغيرة تلتهمه بنظراتها، تكاد أن ترتمي عليه، وأن تكشف عن طبيعتها المكبوتة.

قال الكونت العجوز: لا بأس، ذلك حسن! ينبغي على كل حال أن يتبع طموحه، إن بونابرت هو الذي يدير رءوسهم جميعا؛ ملازم أول يصبح إمبراطورا! إن هذا هو حلمهم، أليس كذلك؟ ليكن، على مشيئة الله.

Unknown page