قال: «إنها جاءت مكة، ولكنها الآن خارجها.»
فانتبه حسن وقال: «لعلها عند الحجاج؟»
قال: «نعم يا بني إنها عنده.»
فصاح وهو لا يعي ما يقول وما في المسجد من يسمعه غير أبي سليمان: «وكيف كان ذلك؟ أفصح بالله.»
قال: «أخذها زوجة له؛ لأن أباها عرفجة زفها إليه يوم سفرك، وأرسلها مع الحملة التي بعث الحجاج يطلبها من طارق بن عمرو عامل المدينة.»
فلما سمع حسن ذلك أطرق كأنه أصيب بذهول، وتذكر أنه شاهد تلك الحملة بالأمس مارة قرب مكة ومعها هودج يحرسه فارسان فارتعدت فرائصه وهز رأسه وقال: «أعوذ بالله! أأرى سمية تساق إلى الحجاج وأبقى واقفا أنظر إلى هودجها ولا أنقذها؟ ولكنني لم أعرفها ولا بد من إنقاذها من يد ذلك الظالم، ومن يد أبيها الخائن الغادر - قبحه الله.» ثم التفت إلى أبي سليمان وقال: «وهل سيقت إلى الحجاج برضاها؟»
فقال أبو سليمان: «ما أظنها إلا سيقت مرغمة؛ فقد علمت أن أباها احتال في إخراجها من المنزل إلى ضواحي المدينة وسلمها للجند المعسكرين هناك.»
قال حسن: «إذن هي الآن أمامنا في هذه الخيام قرب جبل أبي قبيس. لا بد لي من الذهاب إليها، فإما أن أنقذها أو أموت في سبيلها.»
فقال أبو سليمان: «اعلم يا بني أني رهين إشارتك وقد قلت لك إني وقفت حياتي على خدمتك، فإذا رأيت أن تبعثني في شأنها فافعل.»
فصمت حسن مفكرا ثم قال: «إنني أحتاج إليك يا عماه في إبلاغ رسالة إلى مكان بعيد.»
Unknown page