تقدم هنري في دراسته، وقد أحب أن يدرس قدر استطاعته الأماكن البعيدة مثل الصين والهند. كان يرغب في أن يعمل في مجال الأنشطة التجارية ومن ثم يتسنى له زيارة الأماكن التي كان يدرسها.
كانت صحبته الجميلة تخفف عني عبء العمل الحزين. لم أكن أسعد رجل في العالم، لكن على الأقل
كان لي صديق وفي طيب، ففي نهاية الأمر كان هنري سعيدا للغاية لوجودنا معا، وقد التقى الكثير من الأشخاص الجدد وكون الكثير من الصداقات الجديدة. وعادة ما كان يقضي الوقت بالخارج مع هذا أو ذاك، وكان دائما يطلب مني أن أرافقه، لكنني لم أفعل قط، فقد كان طلب المسخ يلازمني كظلي طوال الوقت.
التقيت الأستاذ الجامعي بانتظام وتعلمت من أبحاثه قدرا لا بأس به. لقد قدم لي الكثير من المعلومات بشأن جسد المرأة وكيف يختلف اختلافا علميا عن جسد الرجل. كان معلما طيبا وحكيما، وعلمني كل شيء كنت في حاجة إلى أن أعرفه كي أصنع زوجة المسخ. ومع ذلك انزعجت انزعاجا لا حد له لمعرفتي أن كل شيء تعلمته كان من أجل ذلك المشروع المرعب.
كرست كل وقتي من أجل تجميع الأدوات التي قد أحتاجها للعمل في الكائن الثاني، فأنا مضطر أن أصنع زوجة المسخ. أزعجتني فكرة صنع مسخ آخر غاية الإزعاج، لكنني قطعت وعدا ولا يمكن أن أتراجع عنه. أنشأت معملا صغيرا، وكان لا بد أن أكون حريصا كل الحرص على ألا أدع هنري أو أي شخص آخر يرى ما أفعله. وفيما أوشكت على بدء العمل تلقى هنري خطابا من اسكتلندا يدعونا فيه أحد أصدقائه المقربين لزيارته.
لم أرد أن أذهب لأن ذلك يعني تأجيل العمل مرة أخرى، لكن هنري أصر، لذا أضررت أن آخذ معدات معملي معي، حريصا على أن أطمث أي آثار لمشروعي الأخير، فصار معي صناديق كثيرة حتى إننا اضطررنا إلى تأجير عربة ثانية! ولم يمانع هنري، فقد كان متحمسا لرؤية اسكتلندا أكثر مما كان لزيارة إنجلترا.
انتقلنا عبر مقاطعات رائعة الجمال ومدن صغيرة ساحرة. مر زهاء العام منذ أن التقيت المسخ عند نهر الجليد بمونتينفيرس، ولم أحقق أي تقدم، لكنني لم أره قط أو أسمع عنه أي أخبار، لذا حاولت أن أنساه وأستمتع برحلتنا.
بعد أسابيع قلائل، وصلنا منطقة المرتفعات الاسكتلندية، وبعدما أمضينا شهرا في ضيافة أسرة صديقه ابتغى هنري أن يرى المزيد من معالم اسكتلندا. وكنت أعلم أنني لا بد أن أبدأ عملي، فإذا لم أقم به الآن فلن أمتلك الشجاعة الكافية أبدا لكي أصنع المسخ الثاني. ولاحظ هنري أن مزاجي قد تحسن قليلا منذ أن غادرت إنجلترا، ولم يشأ أن يذهب في رحلته بمفرده فطلب مني أن أرافقه.
قلت له إنني سأكون على ما يرام إذا مكثت بمفردي بعض الوقت. وأخيرا وافق هنري، وقرر أن يرحل في الصباح التالي. أخبرته أنني سأكون بخير، وسأذهب إلى جزر أوركني أثناء رحلته لمشاهدة المزيد من معالم اسكتلندا. وكانت الجزر مكانا مناسبا لعملي إذ كادت تكون غير مأهولة بالسكان، ومن ثم لن يزعجني أحد إلى أن أنتهي من عملي، وأنا لا أبتغي أن يرى أحد ما كنت أفعله، والأهم من كل هذا أنني لم أشأ أن يرى أي أحد المسخ إذا جاء باحثا عني.
في الصباح التالي استعد كلانا للرحيل، وكان هنري لا يزال يساوره القلق من أن أمضي الكثير من الوقت بمفردي في مثل ذلك المكان المنعزل.
Unknown page