Fi Calam Ruya
في عالم الرؤيا: مقالات مختارة لجبران خليل جبران
Genres
هم الذين يتغلبون على محيطهم أينما حلوا، ويجتذبون القلوب إليهم أينما وجدوا.
وهم الذين يولدون في الأكواخ، ويموتون في قصور العلم. هؤلاء هم أبناء لبنان. هؤلاء هم السرج التي لا تطفيها الأرياح، والملح الذي لا تفسده الدهور. هؤلاء هم السائرون بأقدام ثابتة نحو الحقيقة والجمال والكمال.
وماذا عسى أن يبقى من لبنانكم وأبناء لبنانكم بعد مائة سنة؟ أخبروني، فإذا تتركون للغد سوى الدعوى والتلفيق والبلادة؟ هل تحسبون أن الزمن يحفظ في ذاكرته مظاهر الخداع والمداهنة والتدليس؟
أتظنون أن الأثير يخزن في جيوبه أشباح الموت وأنفاس القبور؟ أتتوهمون أن الحياة تستر جسدها العاري بالخرق البالية؟
أقول لكم والحق شاهد علي: إن نصبة الزيتون التي يغرسها القروي في سفح لبنان لأبقى من جميع أعمالكم ومآتيكم. والمحراث الخشبي الذي تجره العجول في منعطفات لبنان لأشرف وأنبل من كل أمانيكم ومطامحكم.
أقول لكم وضمير الوجود صاغ إلي: إن أغنية جامعة البقول بين هضاب لبنان لأطول عمرا من كل ما يقوله أوجه وأضخم ثرثار بينكم.
أقول لكم إنكم لستم على شيء، ولو كنتم تعلمون أنكم لستم على شيء لتحول اشمئزازي منكم إلى شكل من العطف والحنان، ولكنكم لا تعلمون.
لكم لبنانكم ولي لبناني.
لكم لبنانكم وأبناء لبنانكم، فاقتنعوا به وبهم إن استطعتم الاقتناع بالفقاقيع الفارغة.
أما أنا فمقتنع بلبناني وأبنائه، وفي اقتناعي عذوبة وسكينة وطمأنينة.
Unknown page