Fawda Muqaddima Qasira
نظرية الفوضى: مقدمة قصيرة جدا
Genres
6-1 . لحسن الحظ، يتمتع جميع أعضاء عائلة خرائط الخباز المتمرن بالقدر الكافي من المهارة؛ ما لا يجعلها تخلط بين عدم اليقين في إحدى المركبات مع مركبة أخرى؛ ما يمكننا من حساب أزمنة التضاعف وآساس ليابونوف لأي عضو من أعضائها.
مثلما يتضح، تتضمن كل خريطة للخباز المتمرن أس ليابونوف رئيسيا أكبر من ذلك الخاص بخريطة الخباز؛ لذا إذا اعتمدنا أس ليابونوف الرئيسي باعتباره مقياسنا للفوضى، إذن فكل واحدة من خرائط الخباز المتمرن «أكثر فوضوية» من خريطة الخباز، وهي نتيجة ربما تسبب شعورا بعدم الراحة، عند أخذها في الاعتبار في ضوء الشكل رقم
6-2 ، الذي يوضح، جنبا إلى جنب، تطور إحدى مجموعات النقاط عند استخدام خريطة الخباز، وأيضا عند استخدام خريطة الخباز المتمرن رقم 4. قد يكون متوسط زمن التضاعف لإحدى خرائط الخباز المتمرن أكبر كثيرا منه في خريطة الخباز، على الرغم من أن أس ليابونوف الخاص بها أكبر أيضا من أس ليابونوف في خريطة الخباز. ينطبق هذا الأمر على عائلة خرائط الخباز المتمرن بأسرها، وقد نجد خريطة الخباز المتمرن بمتوسط زمن تضاعف أكبر من أي رقم يستطيع أحد أن يسميه. ربما يجب علينا إعادة النظر في العلاقة بين الفوضى والقابلية للتوقع؛ أليس كذلك؟
آساس ليابونوف الموجبة مع حالات عدم اليقين المتناقصة
ما دام عدم يقيننا أصغر من أصغر رقم يمكننا أن نتصوره، يصعب أن يشكل عدم اليقين أي حد عملي لتوقعاتنا، وبمجرد زيادة عدم اليقين ذلك بالقدر الذي يسمح بقياسه، فلن يكون ثمة حاجة أن يعكس تطوره آساس ليابونوف بأي طريقة من الطرق. حتى في الحالة اللامتناهية الصغر، تبين خرائط الخباز المتمرن أن آساس ليابونوف تعد مؤشرات مضللة للقابلية للتوقع؛ حيث قد يختلف مقدار زيادة عدم اليقين وفق الحالة التي يكون عليها النظام. يصبح الأمر أفضل؛ ففي نظام لورنز الكلاسيكي لعام 1963 يمكننا إثبات أن ثمة مناطق في فضاء الحالة «تنخفض» جميع حالات عدم اليقين فيها لفترة. عند إعطاء خيار حول وقت المراهنة على أحد التوقعات، فإن المراهنة على توقيت الدخول إلى هذه المنطقة يزيد من فرص فوزك. إن توقع سلوك النظم الفوضوية بعيد كل البعد عن عدم الجدوى، وربما تصبح مراهنة أحد الأشخاص - الذين يعتقدون في سذاجة أن هذا التوقع مسألة لا طائل من ورائها - أمرا يعود بالفائدة.
ننهي هذه المناقشة حول آساس ليابونوف بكلمة تحذيرية، وهي أنه بينما ينطوي الاتجاه الذي لا يزيد فيه عدم اليقين - أو يقل - على قيمة أس ليابونوف تساوي صفرا، فإن العكس ليس صحيحا؛ فلا ينطوي أس ليابونوف الذي يساوي صفرا على اتجاه لعدم زيادة عدم اليقين! تذكر النقاش حول النمو الأسي الذي جاء في إطار مثال أرانب فيبوناتشي. حتى نمو سريع بمقدار مربع الزمن يكون أبطأ من النمو الأسي، وسيسفر عن أس ليابونوف يساوي صفرا. وهو ما يفسر سبب حرص علماء الرياضيات الشديد بشأن مد الحدود نحو المستقبل اللانهائي. إذا أخذنا في الاعتبار فترة زمنية طويلة لكنها محدودة، إذن فستشير «أي» عملية زيادة على الإطلاق إلى أس ليابونوف موجب؛ إن النمو الأسي والخطي أو حتى النمو الأبطأ من الخطي قد يسفر عن زيادة أكبر من واحد خلال أي فترة زمنية محددة، وسيصبح لوغاريتم أي رقم أكبر من واحد موجبا. ومن هنا ستثبت صعوبة حساب إحصائيات الفوضى.
فهم ديناميكيات حالات عدم اليقين ذات الصلة
مثلما أشرنا آنفا، لا يمكن أن يتسبب عدم يقين لا متناهي الصغر في صعوبة كبيرة لنا في التوقع. بمجرد إمكانية قياسه، تظهر تفاصيل حجمه تماما والنقطة التي تبدأ فيها الحالة في فضاء الحالة في إحداث التأثير. حتى الآن، لم يكتشف علماء الرياضيات أي أسلوب متسق لتتبع حالات عدم اليقين الصغيرة هذه ولكنها ملحوظة، والتي - بالطبع - ترتبط ارتباطا كبيرا بالتوقع في العالم الحقيقي. أفضل ما نستطيع أن نصنعه هو أخذ عينة من الحالات الأولية، تسمى مجموعة، ونجعل هذه المجموعة متسقة مع ديناميكيات نموذجنا والتشويش الموجود في ملاحظاتنا، ثم نرى كيف تتبدد المجموعة في المستقبل. يعد هذا كافيا بالنسبة إلى شيطان القرن الحادي والعشرين؛ ففي ظل نموذجه المثالي للنظام وللتشويش، وملاحظاته المشوشة للحالات السابقة التي ترجع إلى الماضي البعيد، وقدرته الحاسوبية التي لا نهاية لها، فإن مجموعته ستعكس بدقة احتمالية الأحداث المستقبلية. إذا أشار ربع عدد مجموعته إلى احتمال هطول أمطار غدا، فثمة فرصة إذن بنسبة 25٪ لسقوط أمطار في الغد، في ظل الملاحظات المشوشة المتوافرة لديه. يزيد تقليص التشويش من القدرة على تحديد ما هو مرجح الحدوث، ولا تشكل الفوضى عائقا حقيقيا أمامه، وهو ليس على يقين من الحاضر، ولكنه يستطيع رسم خارطة لعدم اليقين ذلك في المستقبل. من عساه أن يطلب ما هو أكثر من ذلك؟ غير أن نماذجنا غير مثالية ومواردنا الحاسوبية محدودة. سنعقد في الفصل التاسع مقارنة بين عدم الملاءمة التي يجب أن نتعامل معها وعدم اليقين الذي يمكنه احتماله.
يتضمن المجال اللاخطي أكثر من مجرد فوضى. يجب ألا يكون الأمر بالضرورة أنه كلما كان عدم اليقين أقل، كان سلوكه أكثر انتظاما؛ فثمة أشياء أخرى أسوأ من الفوضى. وربما يكون الأمر أنه كلما انخفض عدم اليقين، زاد بنسبة أسرع، وهو ما يسفر عن زيادة هائلة في حالات عدم اليقين اللامتناهي الصغر وصولا إلى نسب محدودة، فقط بعد فترة زمنية محدودة. وهو ليس بالأمر الغريب مثلما يبدو؛ حيث يظل سؤالا عويصا ما إذا كانت المعادلات الأساسية في ديناميكا الموائع تعبر عن هذا السلوك الأسوأ من الفوضى.
الفصل السابع
Unknown page