Fawatih Rahmut
فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت
وهؤلاء الكرام أيضا قالوا بذلك فلو كان خلاف لكان في تعيين ذلك البعض من الأحكام والظاهر من كلماتهم أن ذلك البعض هو الإيمان والشكر ونحوهما وعند المعتزلة كثير ويفهم من كلام الإمام فخر الإسلام أن حاصل النزاع بيننا وبينهم أن العقل عندهم علة موجبة للحكم وعند الأشعرية مهدرة لا اعتبار وعندنا لا هذا ولا ذاك بل العقل يوجب أهلية الحكم وتعلق الحكم من العليم الخبير والنزاع هكذا لا يليق أن يقع بين أهل الإسلام لما مر أن إجماع المسلمين على أن لا حكم إلا لله تعالى فخرج حاصل البحث أن ههنا ثلاثة أقوال الأول مذهب الأشعرية أن الحسن والقبح في الأفعال شرعى وكذلك الحكم الثاني أنهما عقليان وهما مناطان لتعلق الحكم فإذا إدراك في بعض الأفعال كالإيمان والكفر والشكر والكفران يتعلق الحكم منه تعالى بذمة العبد وهو مذهب هؤلاء الكرام والمعتزلة إلا أنه عندنا لا تجب العقوبة بحسب القبح العقلى كما لا تجب بعد ورود الشرع لاحتمال العفو بخلاف هؤلاء بناء على وجوب العدل عندهم بمعنى إيصال الثواب إلى من أتى بالحسنات وإيصال العقاب إلى من أتى بالقبائح الثالث أن الحسن القبح عقليان وليسا موجبين للحكم ولا كاشفين عن تعلقه بذمة العبد وهو مختار الشيخ ابن الهمام صاحب التحرير وتبعه المصنف ورأيت في بعض الكتب وجدت مشايخنا الذين لاقيتهم قائلين مثل قول الأشعرية (وبما حررنا من المذاهب يتفرع) عليه (مسألة البالغ في شاهق الجبل) أى الذى لم تبلغه الدعوة فعند المعتزلة مؤاخذ بترك الحسنات وفعل القبائح ومثاب بالحسنات وعند هؤلاء المشايخ يؤاخذنا بإتيان الكفر مطلقا وبترك الإيمان عند مضى مدة التأمل والمؤاخذة بترك ما سوى الإيمان وأمثاله من الشكر لم يعلم حالها برواية صريحة بأنهم هل يعذرون بعدم درك العقل إياها للدلائل أم لا وعند الأشعرية والشيخ ابن الهمام لا يؤاخذون ولو أتوا بالشرك والعياذ بالله تعالى ثم أعلم أن مسألة الحسن والقبح وكذا استلزامها للحكم يمكن أن تكون كلامية راجعة إلى أن الله تعالى لا يحكم إلا بما هو حسن أو قبيح وأن حكم الله ملزومهما وأن تكون أصولية راجعة إلى أن الأمر الالهى يدل على الحسن إقتضاء والنهى الآلهى يدل على القبح كذلك وأن تكون فقهية راجعة إلى أن الفعل الواجب يكون حسنا والحرام قبيحا فقد بان أن الأولى أن تسرد في المقاصد دون المبادئ (لنا) في إثبات نفس الحسن والقبح العقليين أعم من استلزامهما الحكم أولا أنه لو كانا شرعيين لكانت صلاة والزنا متساويين في نفس الأمر قبل بعثه الرسل فجعل أحدهما واجبا والآخر حراما ليس أولى من العكس وهو
Page 40