115

Fawaid Madaniyya

الفوائد المدنية والشواهد المكية

الاصطلاحات إن ظهرت دلالة على جواز التمسك ببعض أفراد خبر الواحد الخالي عن القرائن ولم تظهر ، بل وجدت دلالات على أن الحق في هذه المسألة ما اختاره علم الهدى ورئيس الطائفة والمحقق الحلي وابن إدريس قدس الله أرواحهم كما سيجيء بيانها إن شاء الله تعالى.

وثانيا : أن هذا التقسيم وما يتعلق به من الأحكام كان مشهورا في كتب العامة قديمهم وحديثهم ، والسبب فيه : أن معظم أحاديثهم من باب خبر الواحد الخالي عن القرائن الموجبة للقطع بورود الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله فاضطروا إلى التقسيم المذكور وما يتعلق به من الأحكام.

وأما قدماء علمائنا قدس الله أرواحهم فلما تمكنوا من أخذ الأحكام بطريق القطع عن الأئمة عليهم السلام بواسطة أو بلا واسطة تفيد القطع ، لثقة في الرواية أو لغيره من القرائن ولما ثبت عندهم بطريق المشافهة عن الصادقين عليهم السلام أو بواسطة تفيد اليقين والقطع أنه لا يجوز العمل والفتيا بالظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى لم يكن جائزا لهم سلوك طريق غير القطع واليقين ، فلذلك لم يلتفتوا إلى تقسيم خبر الواحد الخالي عن القرائن الموجبة للقطع وإلى ما يتعلق به من الأحكام.

ثم لما نشأ ابن الجنيد وابن أبي عقيل في أوائل الغيبة الكبرى طالعا كتب الكلام واصول الفقه للمعتزلة ونسجا في الأكثر على منوالهم ، ثم أظهر الشيخ المفيد حسن الظن بهما عند تلامذته كالسيد الأجل المرتضى ورئيس الطائفة فشاعت القواعد الكلامية والقواعد الاصولية المبنية على الأفكار العقلية بين متأخري أصحابنا. حتى وصلت النوبة إلى العلامة ومن وافقه من متأخري أصحابنا الاصوليين ، فطالعوا كتب العامة لإرادتهم التبحر في العلوم أو غيره من الأغراض الصحيحة وأعجبتهم كثير من قواعدهم الكلامية والاصولية الفقهية والتقسيمات والاصطلاحات المتعلقة بالامور الشرعية ، فأوردوها في كتبهم لا لضرورة دعت إليه كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى بل لغفلتهم عن أن تلك القواعد والتقسيمات والاصطلاحات لا تتجه على مذهبنا ، ولغفلتهم عن استغناء علمائنا عن سلوك تلك الطرق بالأعلام المنصوبة

Page 123