129

Fath Qadir

فتح القدير

Publisher

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Publisher Location

لبنان

مِنْ الْكَافِرِ ابْتِدَاءٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُ. (وَيَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْهُ فَأَخَذَ حُكْمَهُ (وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَاءِ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) لِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ، ــ [فتح القدير] فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، أَفَادَ هَذَا إدْخَالُ اللَّامَ فِي الْبَاقِي: أَيْ لَيْسَ التَّيَمُّمُ نَفْسُهُ بَاقِيًا لِيَرْتَفِعَ بِوُرُودِ الْكُفْرِ، بَلْ الْبَاقِي صِفَةُ الطَّهَارَةِ الَّتِي أَوْجَبَهَا، وَهَذِهِ لَا يَرْفَعُهَا شَرْعًا إلَّا الْحَدَثُ، وَلِذَا لَوْ اعْتَرَضَ عَلَى الصِّفَةِ الْكَائِنَةِ عَنْ الْوُضُوءِ لَمْ يَرْفَعْهَا وَهِيَ مِثْلُهَا. وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَظِنَّةَ أَنْ يُقَالَ الْبَقَاءُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِنْ النِّكَاحِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ لَيْسَ إلَّا بَقَاءَ آثَارِهَا فَإِنَّ الْبَاقِيَ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ بَعْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ لَيْسَ إلَّا الْأَثَرَ مِنْ الْحِلِّ وَالْمِلْكِ، وَمَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بَقَاءً لَهَا حَتَّى انْتَفَتْ بِوُرُودِ مَا يَنْفِي ابْتِدَاءَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَبَقَاءُ الصِّفَةِ حِينَئِذٍ بَقَاءُ التَّيَمُّمِ وَيَلْزَمُ مَا قُلْته، زَادَ قَوْلَهُ وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ ابْتِدَاءٌ لِانْعِدَامِ النِّيَّةِ مِنْهُ وَهَذَا يُحَوِّلُ التَّقْرِيرَ عَنْ وُجْهَتِهِ الْأُولَى، هَكَذَا التَّيَمُّمُ نَفْسُهُ لَا يُنَافِيه الْكُفْرُ وَإِنَّمَا يُنَافِي شَرْطَهُ وَهُوَ النِّيَّةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ وَتَحَقَّقَ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ، فَالصِّفَةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَهُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ كَنَفْسِهِ لَا يَرْفَعُهَا الْكُفْرُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ حِينَئِذٍ حُكْمًا لَيْسَ هُوَ النِّيَّةُ. (قَوْلُهُ وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَاءِ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) لِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْوُجُودِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ فِي قَوْلِهِ ﷺ «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ» وَمُقْتَضَاهُ خُرُوجُ ذَلِكَ التُّرَابِ الَّذِي تَيَمَّمَ بِهِ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ، وَيَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ أَثَرِهِ مِنْ طَهَارَةِ الرَّجُلِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَطْعَ الِاعْتِبَارِ الشَّرْعِيِّ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ مُقْتَصَرًا فَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، إذْ لَوْ اسْتَنَدَ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ السَّابِقَةِ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ وَصْفٌ يَرْجِعُ إلَى الْمَحِلِّ فَيَسْتَوِي فِيهِ

1 / 133