Fath al-Qadir on Al-Hidaya

Ibn al-Humam d. 861 AH
183

Fath al-Qadir on Al-Hidaya

فتح القدير على الهداية

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الثانية

Publisher Location

بيروت

قوله لحديث إمامة جبريل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين فصلى بي الظهر في الأولى منهما حين كان الفيء مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شيء مثل ظله ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين بزق الفجر وحرم الطعام على الصائم وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه ثم صلى المغرب لوقته الأول ثم صلى العشاء الأخيرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض ثم التفت جبريل فقال يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد اه لكن فيه عبدالرحمن بن الحارث ضعفه أحمد ولينه النسائي وابن معين وأبو حاتم ووثقه ابن سعد وابن حبان وقد أخرجه عبدالرزاق عن عبدالرحمن هذا بإسناده وأخرجه أيضا عن العمري عن عمر بن نافع عن جبير بن مطعم عن أبيه عن ابن عباس فكأنه أكد تلك الرواية بمتابعة ابن أبي بسرة عن عبدالرحمن ومتابعة العمري عن ابن نافع الخ وهي متابعة حسنة كذا في الإمام وبزق بالزاي أي بزغ وهو أول طلوعه وقد روى حديث الإمامة من حديث عدة من الصحابة منها حديث جابر بمعناه وفيه ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا يعني في اليوم الثاني فقال قم يا محمد فصل فقام فصلى الصبح ثم قال ما بين هذين وقت كله قال الترمذي قال محمد يعني البخاري حديث جابر أصح شيء في المواقيت والحديث الثاني رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم في الصوم واللفظ للترمذي عن سمرة ابن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق قوله وأول وقت الظهر إذا زالت الشمس معرفة الزوال أن تنصب عصا مثلا بين أوقات الضحى فما دام الظل ينقص فهي في الإرتفاع فإذا أخذ يزيد فأول أخذه الزوال فليحفظ مقدار الظل إذ ذاك فإذا بلغ ظل كل شيء طوله أو طوليه على الخلاف مع ذلك المقدار خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر وعن أبي حنيفة من رواية أسد بن عمرو إذا بلغ طوله مع فيء الزوال خرج وقت الظهر ولا يدخل وقت العصر إلى الطولين وقال المشايخ ينبغي أن لا يصلي العصر حتى يبلغ طولي الشيء ولا يؤخر الظهر إلى أن يصير طوله ليخرج من الخلاف فيهما قوله وله قوله الخ عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جنهم رواه الستة وانفرد البخاري بحديث أبي سعيد الخدري أبردوا بالظهر فإن شدة الحر الخ قوله وإذا تعارضت الآثار يعني حديث الإمامة وهذا الحديث وثبوت التعارض متعلق بصدق المقدمة القائلة أشد الحر في ديارهم إذا كان ظل كل شيء مثله فلا ينقضي الوقت بالشك بل الظاهر اعتبار كل حديث روى مخالفا لحديث جبريل ناسخا لما خالفه فيه لتحقق نقدم إمامة جبريل على كل حديث روى في الأوقات لأنه أول ما عمله إياها بقي أن يقال هذا البحث إنما يفيد عدم خروج وقت الظهر ودخول وقت العصر بصيرورة الظل مثلا غير فيء الزوال ونفى خروج الظهر بصيرورته مثلا لا يقتضي أن أول وقت العصر إذا صار مثلين حتى أن ما قبله وقت الظهر وهو المدعى فلا بد له من دليل وغاية ما ظهر أن يقال ثبت بقاء وقت الظهر عند صيرورته مثلا نسخا لإمامة جبريل فيه في العصر بحديث الإبراد وإمامته في اليوم الثاني عند صيرورته مثلين يفيد أنه وقته ولم ينسخ هذا فيستمر ما علم ثبوته من بقاء وقت الظهر إلى أن يدخل هذا الوقت المعلوم كونه وقتا للعصر قوله لقوله عليه الصلاة والسلام عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعت من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر متفق عليه وهو مخالف لحديث جبريل والحمل على أن قول جبريل عليه السلام الوقت فيما بين هذين يراد به الوقت غير المكروه أولى من الحمل على النسخ وكذا في المغرب والعشاء ولذا قلنا إن تأخير المغرب مطلقا مكروه تأخير العشاء إلى ما بعد نصف الليل مكروه ولظهور عدم صلاة جبريل في الوقت المكروه بخلافه في أول وقت العصر حيث لا يتأتى هذا فتعين النسخ فيه قوله لقوله عليه الصلاة والسلام روى الترمذي من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر وأول وقت صلاة العصر حين يدخل وقتها وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق وإن أول وقت العشاء حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس وخطأ البخاري والدارقطني محمد بن فضيل في رفعه فإن غيره من أصحاب الأعمش يروونه عن مجاهد عنه من قوله ودفعه ابن الجوزي وابن القطان بتجويز أن يكون الأعمش سمعه من مجاهد مرسلا وسمعه من أبي صالح مسندا فيكون عنده طريقان مسند ومرسل والذي رفعه يعني ابن فضيل صدوق من أهل العلم وثقه ابن معين وقد روى مسلم عن بريدة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن مواقيت الصلاة فقال أقم معنا ثم أمر بلالا فساق الحديث إلى أن قال ثم أمره فأخر المغرب إلى قبيل أن يغيب الشفق يعني في اليوم الثاني وأخرج أيضا عن أبي موسى الأشعري أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة فساق الحديث إلى أن قال ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق يعني في اليوم الثاني وأخرج أيضا عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت صلاة الظهر فذكر الحديث إلى أن قال ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق قوله وهو قول الشافعي الخ روى الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشفق الحمرة فإذا غاب وجبت الصلاة قال البيهقي والنووي الصحيح أنه موقوف على ابن عمر ومن المشايخ من اختار الفتوى على رواية أسد بن عمرو عن أبي حنيفة رحمه الله كقولهما ولا تساعده رواية ولا دراية أما الأول فلأنه خلاف الرواية الظاهرة عنه وأما الثاني فلما قدمنا في حديث ابن فضيل وأن آخر وقتها حين يغيب الأفق وغيبوبته بسقوط البياص الذي يعقب الحمرة وإلا كان باديا ويجيء ما تقدم أعني إذا تعارضت الأخبار لم ينقض الوقت بالشك وقد نقل عن أبي بكر الصديق ومعاذ بن جبل وعائشة وابن عباس رضي الله عنهم في رواية وأبي هريرة وبه قال عمر بن عبدالعزيز والأوزاعي والمزني وابن المنذر والخطابي واختاره المبرد وثعلب ولا ينكر أنه يقال على الحمرة يقولون عليه ثوب كأنه الشفق كما يقال على البياض الرقيق ومنه شفقة القلب لرقته غير أن النظر عند الترجيح أفاد ترجيح أنه البياض هنا وأقرب الأمر أنه إذا تردد في أنه الحمرة أو البياض لا ينقضي بالشك ولأن الإحتياط في إبقاء الوقت إلى البياض لأنه لا وقت مهمل بينهما فبخروج وقت المغرب يدخل وقت العشاء اتفاقا ولا صحة لصلاة قبل الوقت فالإحتياط في التأخير وأما الحديث الذي ذكره في آخر وقت العشاء أنه ما لم يطلع الفجر فقيل لم يوجد في شيء من أحاديث المواقيت ذلك وملخص كلام الطحاوي أنه يظهر من مجموع الأحاديث أن آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر وذلك أن ابن عباس وابا موسى والخدري رضي الله عنهم رووا أنه صلى الله عليه وسلم أخرها إلى ثلث الليل وروى أبو هريرة وأنس أنه أخرها حتى انتصف الليل وروى ابن عمر أنه أخرها حتى ذهب ثلثا الليل وروت عائشة رضي الله عنها أنه أعتم بها حتى ذهب عامة الليل وكلها في الصحيح قال فثبت أن الليل كله وقت لها ولكنه على أوقات ثلاثة إلى الثلث أفضل وإلى النصف دونه وما بعده دونه ثم ساق بسنده إلى نافع بن جبير قال كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها ولمسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى فدل على بقاء وقت كل صلاة إلى أن يدخل وقت الأخرى ودخول الصبح بطلوع الفجر فأما الحديث الذي ذكره في الوتر فهو ما أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر وسيأتي تمام ما تيسر فيه في باب الوتر ولا حول ولا قوة إلا بالله وفي بعض طرق الحديث فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وهو دليلهما على أن أول وقته بعد صلاة العشاء قوله ولا يقدم عليه عند التذكر للترتيب فلو قدم ناسيا لا يعيد وكذا لو صلى العشاء بغير طهارة ثم نام فقام توضأ فصلى الوتر ثم تذكر أنه صلى العشاء بغير طهارة يعيدها دون الوتر فيهما وعندهما يعيدهما ومن لا يوجد عندهم وقت العشاء كما قيل يطلع الفجر قبل غيبوبة الشفق عندهم أفتى البقالي بعدم الوجوب عليهم لعدم السبب وهو مختار صاحب الكنز كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من المرفقين وأنكره الحلواني ثم وافقه وأفتى الإمام البرهاني الكبير بوجوبها ولا يرتاب متأمل في ثبوت الفرق بين عدم محل الفرض وبين سببه الجعلي الذي جعل علامة على الوجوب الخفي الثابت في نفس الأمر وجواز تعدد المعرفات للشيء فانتفاء الوقت انتفاء المعرف وانتفاء الدليل على شيء لا يستلزم انتفاء لجواز دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت أخبار الإسراء من فرض الله تعالى الصلاة خمسا بعد ما أمروا أولا بخمسين ثم استقر الأمر على الخمس شرعا عاما لأهل الآفاق لا تفصيل فيه بين أهل قطر وقطر وما روى ذكر الدجال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا ما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم فقيل يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا صلاة يوم قال لا اقدوروا له رواه مسلم فقد أوجب أكثر من ثلثمائة عصر قبل صيرورة الظل مثلا أو مثلين وقس عليه فاستفدنا أن الواجب في نفس الأمر خمس على العموم غير أن توزيعها على تلك الأوقات عند وجودها ولا يسقط بعدمها الوجوب وكذا قال صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد ثم هل ينوي القضاء الصحيح أنه لا ينوي القضاء لفقد وقت الأداء ومن أفتى بوجوب العشاء يجب على قوله الوتر أيضا $ فصل في استحباب التعجيل

Page 224