فأدركت انه يلغز بحماد وانه عالم بشيء مما بينهما فتجاهلت ولكن الحياء والبغتة غلبا عليها فقالت: «ما تعنى بهذا الكلام أراك تقول جزافا.»
قال: «كلا يا سيدتي أني أتكلم عن ثقة ولكنك تتجاهلين والحقيقة ظاهرة على وجهك.»
فتحققت عند ذلك انه رسول من حماد ولكن سوء الظن سبق إلى ذهنها مخافة أن يكون قادما بدسيسة من ثعلبة فتجاهلت أيضا وقالت: «أراك تقول كلاما لا افهمه أو لعلك مخطئ في ظنك.»
قال: «لست مخطئا لأني أتكلم عن ثقة وان شككت بمقالي سلي الأساور تصدقك الخبر.»
فقالت: «وأي الأساور تعني.»
قال: «الأساور التي بيعت هذه الدرع بها وإذا بالغت في التجاهل جئتك بتاجر الحلي عينه.»
فأيقنت عند ذلك انه رسول حماد إليها وحدثتها نفسها أن تسأله عنه صريحا ولكنها تجلدت ريثما تخبر والدتها بذلك فنهضت للحال ولم تفه بكلمة وسارت إلى غرفة والدتها وخلت بها وأخبرتها بما كان فقالت والدتها: «أخشى أن يكون الرجل جاسوسا من ثعلبة فلا تبوحي له بشيء قبل أن نتحقق رسالته.»
فجاءت سعدى وهند تتبعها فلما دنت من الراهب وقف لها وحياها فتظاهرت بالجفاء قائلة: «ألعلك قادم من دير بحيراء الآن.»
قال: «كلا يا سيدتي بل أنا آت من البلقاء.»
قالت: «أرني الدرع.» فأراها إياها فتحققت أنها الدرع التي نالها حماد جائزة سبقه يوم السباق فتناولتها من يده وقالت له: «أن هذه الدرع مأخوذة من عندنا ولعلها مسروقة فهل تعرف الذي أعطاك إياها.»
Unknown page