فأطرقت ولم تجب ولكنها أشارت بكتفها وحاجبيها أنها لا تعلم.
فقال: «ما بالك لا تجيبين ألعلها تحبه.»
فنظرت إليه وقد عولت على التصريح فلما رأت تقطب حاجبيه وحملقة عينيه خافت اشتداد غضبه فنهضت وتظاهرت بتأجيل الحديث إلى وقت آخر وقالت وهي تهم بالخروج: «لا اعلم وسأبحث عن ذلك وأخبرك.»
فامسكها بيدها وأقعدها وقال لها: «يكفى مدافعة فإنك تعلمين فقولي ولا حاجة إلى التسويف بعد أن فهمت ما فهمته من خلال حديثك.»
فقالت: «فإذا كنت قد فهمت فلماذا تستعيدني ما قلته.»
قال: «إذن هي تحبه وتريد الاقتران به.»
قالت: «ربما كان ذلك.» وأعرضت عن جبلة متشاغلة بإصلاح فراشها وأظهرت عدم الاكتراث.
فحمي غضبه وأمسكها بيدها وجذبها إليه بعنف وقال: «ما بالك تستخفين بغضبي كأنك لا ترين في الأمر ما يستحق الاهتمام إلا يهمك أن تقترن ابنتك برجل غريب لا نعرف أصله لا فصله وقد يكون من السوقة.»
فنظرت إليه عاتبة لما أظهره من العنف وقالت بصوت منخفض: «وهذا الذي حملني على الكتمان لعلمي أنك ستتلقى الخبر بما اعمله من تعلقك بشرف الغسانيين وإنكارهم مثل ذلك على بنات ملوكهم على أن حمادا ليس من السوقة بل هو من أمراء العراق بني لخم.»
فخجل لما كان من خشونته في خطابها والغضب يمنعه من الاعتذار ولكنه أمسكها بلطف وقال لها: «ألا تنكرين أنت ذلك أيضا. وهي انه أمير فبيننا وبين العراقيين عداوة لا تؤذن بالمصاهرة.»
Unknown page