Sharḥ Ṣaḥīḥ al-Bukhārī liʾl-Ḥuwaynī
شرح صحيح البخاري للحويني
Genres
التنبيه على وجود تقديم وتأخير في حديث ابن مسعود
بقي أن أنبه على شيء، وهو أن أبا معاوية وهو من أوثق الرواة عن الأعمش، واسمه: محمد بن خازم الضرير، روى هذا الحديث، فخالف عامة أصحاب الأعمش في متنه.
ابن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من مات يشرك بالله دخل النار) هذا وعد أم وعيد؟ وعيد.
قال ابن مسعود: (فقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله دخل الجنة)، فهذا وعد أم وعيد؟ هذا وعد.
إذًا: الحديث شقان: وعيدٌ ووعد.
الوعيد من كلام النبي ﵊، والوعد من كلام ابن مسعود، أبو معاوية قلب الحديث فجعل الوعد من كلام النبي ﷺ، والوعيد من كلام ابن مسعود، وخالف عامة الرواة عن الأعمش في ذلك، وغلطه أهل العلم.
وإن كان عندما نقول: أبو معاوية، عن الأعمش فحديثه صحيح، وهو موافق لحديث جابر بن عبد الله الذي رواه مسلم أن النبي ﷺ قال: (ومن مات لا يشرك بالله دخل الجنة)، لكن نقول: إن قلب هذا المتن شاذٌ من رواية الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، وإن صحت رواية غيره من الصحابة، إذًا عامة الرواة عن الأعمش جعلوا الوعد من كلام ابن مسعود، وجعلوا الوعيد من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله سلم.
وأيضًا ذكر لفظة السماع سيار أبو الحكم العنزي ورواها عن أبي وائل، عن ابن مسعود ﵁، قال: (خصلتان: إحداهما سمعتها من رسول الله ﷺ، والأخرى أقولها) وساق الحديث أيضًا، فجعل الوعد من كلام ابن مسعود، وجعل الوعيد من كلام رسول الله ﷺ، وهذه الرواية رواها ابن خزيمة في كتاب التوحيد.
وروى أيضًا لفظة: (سمعت) مغيرة بن مقسم الضبي عن أبي وائل عن ابن مسعود، قال: سمعت رسول الله ﷺ وساق الحديث، هذه الرواية في صحيح ابن حبان.
وروى الإمام أحمد في مسنده قال: حدثنا هشيم -وهو ابن بشير - قال: أنبأنا سيار والمغيرة.
إذًا ابن خزيمة روى رواية سيار، وابن حبان روى رواية المغيرة، وأحمد جمعهما في رواية واحدة، قال: حدثنا هشيم -وهو ابن بشير - قال: أنبأنا سيار أبو الحكم، ومغيرة بن مقسم الضبي كلاهما عن أبي وائل.
فذكر لفظة السماع.
وأيضًا روى لفظة: (سمعت) عاصم بن بهدلة، - بهدلة هذه أمه، كان اسمها: بهدلة، وعاصم هذا هو صاحب القراءة المشهورة، رواية عاصم التي أخذها عنه حفص وشعبة، ولكن شعبة الذي أخذ القراءة عن عاصم ليس هو شعبة بن الحجاج الإمام العلم المشهور المحدث.
لا، هذا هو شعبة بن عياش أبو بكر المقرئ أخذ الرواية عن عاصم، ولكن الحق أن حفص بن سليمان كان أشهر الرواة عن عاصم بن أبي النجود أو عاصم بن بهدلة.
فـ عاصم روى هذا الحديث عن أبي وائل شقيق بن سلمة، وفي مسند الإمام أحمد أورد رواية عاصم من طريق أبي بكر بن عياش، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي وائل الكوفي، عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله ﵌.
كل هذه الأحاديث التي في صحيح البخاري، اتفق مسلم مع البخاري في رواية أغلبها.
7 / 10