وهو الذي أرسلت لتحقيقه، وحاصله هو معنى "لا إله إلا الله"؛ فهو مبني على أصلين هما النفي والإثبات في "لا إله إلا الله". فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادة كائنة ماكانت. ومعنى الإثبات منها: هو إفراده جلّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادة على الوجه الذي شرع أن يعبد به. وجلّ القرآن في هذا النوع: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ ١، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلآ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلآ أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ ٢. ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى﴾ ٣. ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ ٤، ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ٥. والآيات في هذا كثيرة جدًا٦.
ونراه ﵀ أثناء مروره بـ"أم درمان" متجهًا إلى الديار المقدسة يُسأل عن قصة الغرانيق٧، فيوضحها، ويتكلم عن إخلاص العبادة لله تعالى فيقول: "فإخلاص العبادة لله وحده هو دعوة عامة الرسل، وأشدهم فيه احتياطًا خاتمهم ﷺ، ولذا منع بعض الأمور التي كانت مباحة عندهم احتياطا في توحيد الله في عبادته جلّ وعلا، فالسجود
١ سورة النحل، الآية [٣٦] .
٢ سورة الأنبياء، الآية [٢٥] .
٣ سورة البقرة، الاية [٢٥٦] .
٤ سورة الزخرف، الآية [٤٥] .
٥ سورة الأنبياء، الآية [١٠٨] .
٦ المعين والزاد ص٦٥.
٧ تتلخص قصة الغرانيق فيما يأتي: ذكر أن رسول الله ﷺ قرأ سورة النجم بمكة، فلما بلغ:"أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى"ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى. فلما بلغ السجدة سجد، فسجد معه المسلمون والمشركون.
وقد رجح الشيخ الشنقيطي ﵀ عدم صحتها، وعضّد قوله بأقوال عدد كبير من العلماء الذين أنكروها.
(انظر: رحلة الحج ص١٢٨-١٣٠. وكذا: دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب –الملحق بأضواء البيان ١٠/٢٠٧-٢١٢-) .