Dirasat Falsafiyya Gharbiyya
دراسات فلسفية (الجزء الثاني): في الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة
Genres
L’homme-Moyen
الذي لا يختلف عن غيره، بعكس الأقلية التي تقوم على أفكار ورغبات لأنها تتطلب الكثير من نفسها لأن الأغلبية لا تتطلب من نفسها شيئا. هذه الثنائية بين الأغلبية والأقلية وبين العامة والخاصة موجودة في كل الأديان وفي كل الملل والنحل. هي طبقية بشرية لا طبقية اجتماعية لأن العامة والخاصة موجودتان في كل طبقة اجتماعية. وبعد أن كان الخاصة هم أصحاب السلطة وكان للصفوة المختارة الحق في تسيير الجماهير أصبحت العامة الآن صاحبة الأمر؛ لذلك يمتاز العصر الحاضر بسيادة العامة على الخاصة وانتصار أنصاف المثقفين على المثقفين وغير المتخصصين على المتخصصين بعد أن قررت الجماهير أخذ مصيرها بأيديها، وأخذها مركز الصدارة الاجتماعية، وتمتعها بمزايا الصفوة المختارة، وحلولها محلها. وهذا ما تؤكده التغييرات السياسية المعاصرة. فقد كانت النظم الديمقراطية القديمة تسمح بقدر كبير من الليبرالية، وكان باستطاعة الصفوة المختارة أن تفعل ما تشاء. والآن ظهر نوع جديد من الديمقراطيات العليا
Hyper-Democratie
فيها تحكم الجماهير حكما مباشرا.
ويعيد أورتيجا صياغة القضية نفسها مرة ثالثة في علاقة الفرد بالجماعة. فعلى الرغم من تركيز أورتيجا على الإنسان الجماهيري كسلب إلا أنه يحلل الإنسان الذاتي أو الفرد كإيجاب، كما فعل كيركجارد في الفرد، ومونييه وشيلر في الشخص، أو حتى شترنر في الفرد الأوحد. وتبدو الفردية كلما انتقلنا من الطبقة الدنيا إلى الطبقة الوسطى ثم إلى الطبقة العليا. الفردية تقود إلى الصفوة كما تؤدي الجماعية إلى الجماهير. وفي الفرد يتجلى العقل الحيوي، ويختفي في الجماعة، يبدع في الصفوة، ويتوارى في الجماهير، يظهر في الأقلية ويضيع في الأغلبية، وكأن أورتيجا أقرب في تفسير الظواهر الاجتماعية إلى بارتيو في تركيزه على دور الصفوة في القيادة وفي الوقت نفسه ينقد البلشفية والفاشية على أنها حركات جماهير مع أنها أيضا ترى الصفوة ممثلة في قيادة فعالة نشطة أخلاقية ومبدعة. بل إنه يكون أيضا أقرب إلى الفكر الديني الذي يركز على دور الأنبياء في التاريخ، وعلى ضرورة وجود الأقلية المؤمنة
Le Petit reste
والباقيات الصالحات التي بفضلها يتم إنقاذ الأغلبية الكافرة وعامة الناس
La Foi des Simples
على الرغم من غياب الدين في فكره كمحور أساسي وعلى عكس أستاذه أونامونو في «احتضار المسيحية» باستثناء مواقف قليلة ينقد فيها أورتيجا رفض الجماهير - وهي في ثورتها - التدين والمعرفة النظرية من أجل الدراسات السياسية وتحركات الدهماء! أليس الدين أيديولوجية الجماهير كما هو واضح في لاهوت الثورة ولاهوت التحرر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية؟ ألا يتحول الدين تحولا طبيعيا إلى العلوم الاجتماعية وهذه بدورها إلى الأيديولوجيات السياسية على ما يصف جويو في «لا دينية المستقبل»
L’Irreligion de l’Avenir .
Unknown page