فأجابنا «إن الشاب الذي كتب قد ترنم بأغنية علوية قبل أن يموت».
قلنا له: «وعلينا أن نحفظ تلك الأغنية كي لا تتلاعب بها أيدي الضياع».
فأجابنا «افعلوا ما شئتم، ولكن لا تنسوا أن روح ذلك الشاب قد تقمصت في جسد رجل يحب العزم والقوة محبته للظرف والجمال، ويميل إلى الهدم ميله إلى البناء، فهو صديق الناس وعدوهم في وقت واحد».
فقلنا له «سوف لا ننسى وإن حاولنا التناسي ففي «حفار القبور» ما ينبهنا ويذكرنا».
دمعة وابتسامة
توطئة
أنا لا أبدل أحزان قلبي بأفراح الناس، ولا أرضى أن تنقلب الدموع التي تستدرها الكآبة من جوارحي وتصير ضحكا، أتمنى أن تبقى حياتي دمعة وابتسامة، دمعة تطهر قلبي وتفهمني أسرار الحياة وغوامضها، وابتسامة تدنيني من أبناء بجدتي وتكون رمز تمجيدي الآلهة، دمعة أشارك بها منسحقي القلب، وابتسامة تكون عنوان فرحي بوجودي.
أريد أن أموت شوقا ولا أحيا مللا، أريد أن تكون في أعماق نفسي مجاعة للحب والجمال؛ لأني نظرت فرأيت المستكفئين أشقى الناس وأقربهم من المادة، وأصغيت فسمعت تنهدات المشتاق المتمني أعذب من رنات المثاني والمثالث.
يأتي المساء فتضم الزهرة أوراقها وتنام معانقة شوقها، وعندما يأتي الصباح تفتح شفتيها لاقتبال قبلة الشمس، فحياة الأزهار شوق ووصال، دمعة وابتسامة.
تتبخر مياه البحر وتتصاعد ثم تجتمع وتصير غيمة، وتسير فوق الطلول والأودية حتى إذا ما لاقت نسمات لطيفة تساقطت باكية نحو الحقول، وانضمت إلى الجداول ورجعت إلى البحر موطنها. حياة الغيوم فراق ولقاء، دمعة وابتسامة.
Unknown page