Dam Wa Cadala
الدم والعدالة: قصة الطبيب الباريسي الذي سطر تاريخ نقل الدم في القرن السابع عشر
Genres
القليل من النجاح في لندن
كان ثمة آخرون في لندن يتحدثون عن قضيتي الحقن ونقل الدم في غير جدية. فقبل شهر سجل صامويل بيبيس كاتب اليوميات المشهور أنه كان قد حضر عرضا خاصا تمكن فيه كلارك وزملاؤه في الجمعية الملكية من قتل كلب عن طريق حقن الأفيون في قائمته الخلفية. لكن لم يبد أن بيبيس كان منبهرا ببراعتهم الفنية:
16 مايو 1664
أجبرت على النهوض من أجل الذهاب إلى رؤية دوق يورك في سانت جيمس حيث أدينا عملنا المعتاد؛ وبعدها زرنا منزل السيد بيرس الجراح تلبية لدعوته، حيث قابلت زوجته التي لم أقابلها لعدة أشهر ... ولم يمض وقت طويل حتى شاهدنا تجربة لقتل كلب عن طريق حقن الأفيون في قائمته الخلفية. وقد فشل هو والدكتور كلارك فشلا ذريعا في إصابة الوريد، ومن ثم لم ينجحا في التجربة بعد محاولات كثيرة؛ لكن مع الكمية الصغيرة التي تمكنا من إدخالها نام الكلب فورا وظل راقدا إلى أن شرحه. وكان هناك كلب آخر صغير جعلاه يبتلع الأفيون فترنح في البداية، وفقد وعيه، وظل نائما؛ ولا أعلم ما إذا كان قد أفاق بعد مغادرتي أم لا؛ لكن هذا كان تأثيرا غريبا ومفاجئا.
يقدم بيبيس باعتباره مراقبا ذكيا ومهتما عرضا قيما للطريقة التي نظر بها العامة إلى تلك المساعي العلمية. كان يشعر بحماسة واضحة لعديد من التجارب التي شهدها، ورأى أنها كانت أفضل أوقات الترفيه في أسبوعه. إلا أن تدويناته المختلفة التي تتناول تجارب علمية في مذكراته تبين أن بيبيس كان مهتما بالعرض أكثر من اهتمامه بالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها. ومثل عديدين من متابعي التجارب العلمية منذ ذلك الوقت فصاعدا، كان مهتما بما يمكن للعلم فعله في ضوء التكنولوجيا القابلة للاستخدام أكثر من التفاصيل المعرفية الدقيقة التي تشكل أساسا لها.
الخطوات الأولى
ظل مركز إنجلترا السياسي والفكري بين الدول يتغير خلال العقود القليلة السابقة، وفي عام 1665 وقعت البلاد في الفوضى مرة أخرى. فلم يكد تشارلز الثاني يعلن نفسه ملكا في لندن حتى ضرب الطاعون المدينة وفر الناس. وسرعان ما وجد لوور أن أعدادا متزايدة من الأكاديميين وأعدادا كبيرة من الحاشية الملكية تتوافد إلى أكسفورد.
وصل بويل إلى أكسفورد في منتصف يونيو مباشرة بعد انتهائه من اجتماع في الجمعية الملكية طرح فيه ويلكنز فكرة حقن الدم. وفي ظرف أيام كان قد اجتمع مع لوور لبحث كيفية إجراء نقل الدم بين الحيوانات.
زعم لوور أن فكرة نقل الدم خطرت بباله عندما كان يحقن محاليل مختلفة في أجسام الحيوانات خلال اجتماعات عقدت في أكسفورد، وسجل سلسلة الأحداث التي تلت ذلك في الفصل الرابع من كتابه «علاج القلب» الذي نشر لأول مرة عام 1671. وقال إنه «رغم أنه لا يوجد عذر يبرر القفز إلى استنتاجات من تجربة واحدة، إلا أنه وبينما كنت أدخل سوائل غذائية مختلفة، لاحظت أن دم الحيوانات المختلفة يختلط بسلاسة ... وخطرت الفكرة ببالي. فتساءلت إن كان من الممكن خلط كمية أكبر من الدم من حيوانات مختلفة دون تغيير حالته بأي شكل.»
كان لوور أكثر إدراكا من أغلب الناس بقدر سرعة تجلط الدم بمجرد خروجه من الجسم: «بدا أنه ربما يكون من الأفضل نقل الدم غير المتجلط من حيوان حي يتنفس إلى حيوان آخر». كما أدرك أنه إذا قطع الوعاء الدموي الصحيح فإن كل الدم في جسم الحيوان سيندفع إلى الخارج في لحظات. وقال: «في أولى محاولاتي لنقل الدم، استخدمت أنبوبا رفيعا لتوصيل الوريد الوداجي من كلب بالوريد نفسه لدى كلب آخر. لكن التجربة باءت بالفشل؛ فالدم يسيل من الأوردة ببطء؛ لذا فقد تجلط فورا في الأنبوب وسده.»
Unknown page