Cunwan Tawfiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Genres
6
وآخر ما يلاحظ على هذه المقدمة، استمرار تادرس وهبي في الحفاظ على أسلوبه، المعتمد على الاقتباس من معاني الآيات القرآنية، كقوله: «استأثر كماله بصفات الجلال»، وهو معنى مأخوذ من قوله تعالى، في الآية رقم 27 من سورة «الرحمن»:
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام . وأيضا قوله: «أصبح بيتها المحجوج لمن استطاع إليه سبيلا»، مأخوذا من معنى الآية رقم 97 من سورة «آل عمران»:
فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين . وكذلك قوله: «أشرح صدر الصدور»، فمأخوذ من الآية رقم 25 من سورة «طه»:
قال رب اشرح لي صدري . وأخيرا قوله: «إنه على ما يشاء قدير»، فمأخوذ من آيات كثيرة وردت في القرآن، منها على سبيل المثال الآية رقم 189 من سورة «آل عمران»:
ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير .
وبعد مقدمة الكتاب، كتب المؤلف مقدمة علمية عن بيان علوم الأدب، حيث قسم هذه العلوم إلى أصول وفروع. فمن الأصول ما يبحث فيه عن المفردات مطلقا، وهو ثلاثة أنواع؛ الأول اللغة، وهو علم يبحث فيه عن مفردات الألفاظ الموضوعة من حيث دلالتها على المعاني، وفائدته الاحتراز عن الخطأ في حقائق الموضوعات اللغوية، والتمييز بينها وبين المجازات والمنقولات العرفية. وحكمه أنه من فروض الكفايات، حيث قال بعض الحكماء: اللغة أركان الأدب والشعر ديوان العرب، ولولا اللغة ذهبت الآداب، ولولا الشعر بطلت الأحساب.
والنوع الثاني كان الصرف، وهو علم يبحث فيه عن صور الألفاظ وهيئاتها، وموضوعه الأفعال المتصرفة والأسماء المتمكنة. والنوع الأخير كان الاشتقاق، وهو علم يبحث فيه عن انتساب الألفاظ بعضها إلى بعض من حيث الأصالة والفرعية، وأقسامه ثلاثة؛ صغير وكبير وأكبر. ومن الأصول ما يبحث فيه عن المركبات وهو خمسة أشياء؛ الأول: النحو، وهو علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء. والثاني: المعاني، وهو علم يبحث فيه عن أحوال اللفظ العربي التي يكون بها الكلام مطابقا لمقتضى الحال ... إلخ هذه المقدمة العلمية.
بعد ذلك تبدأ فصول الكتاب، ومنها: ميزان الأفعال المجردة، في مزيدات الأفعال، في أحكام اسمي الفاعل والمفعول والصفة والمشبهة، في أحكام المنقوص والممدود والمقصور من جمع المذكر السالم، في أحكام التصغير، أحكام النسب ... إلخ موضوعات علم الصرف المعروفة. وكان المؤلف يصنع تمرينا مدرسيا للطلاب في نهاية كل فصل، كتدريب عملي على الموضوع أو كواجبات منزلية. وفي نهاية موضوعات الكتاب، أدرج المؤلف قاموسا لغويا لمعنى جميع الكلمات المستخدمة في الكتاب، على نسق المعاجم المدرسية المبسطة. وقد سار في ترتيب الكلمات على نهج القاموس المحيط للفيروزبادي. وكمثال على الكلمات الواردة في هذا القاموس، قوله: «حرب». الحرباء دويبة تستقبل الشمس، وتدور معها حيث دارت، وبها يضرب المثل في التلون. «شعث». الشعث محركة انتشار الأمر، والأشعث اسم رجل ومنه الأشاعثة، والهاء للنسب ... إلخ.
وقبيل نهاية الكتاب ، وجدنا كلمة تقريظ للكتاب ولصاحبه، كتبها محمد الحسيني مصحح العلوم بدار الطباعة العامرة ببولاق مصر القاهرة. قال فيها: يا من صرف نفوس الأذكياء إلى انتهاج مناهج الأدباء، فسلكوا بمجموع لفيفهم من ذلك أقوم سبيل، وتصرفوا في فنون البلاغة بصحيح أفعالهم، ونافذ مفعولهم وأفكارهم؛ حتى أقاموا على براعة العربية أصح دليل، وروحوا أرواحهم في رياض الأدب، بمعتل نسيمها فبلغوا منتهى الأرب، وانتهلوا من منهلها العذب السلسبيل، فسبحانه من إله خص من شاء بما شاء، فجعل الأدب مملكة دولتها اللطفاء والظرفاء، وحماتها مصاقع البلغاء وفرسان الفصحاء وأسود النبلاء. نحمده ونشكره، ونتوب إليه ونستغفره، ونصلي ونسلم على صفوته من خليقته وخلاصته من بريته.
Unknown page