============================================================
172 ومن ذلك: خفة المعدة من الطعام، ثم تناول ما يسأكل من الطعام إذا اقترن بذكر الله ويقظة الباطن أعان على قيام الليل؛ لأن الذكر يذهب داؤه؛ فإن وجد للطعام ثقلا علحى العدة ينبغى أن يعلم أن ثقله على القلب اكثر، فلا يتام الليل؛ حتى يذيب الطعام بالذكر والتلاوة والاستغقار، قال بعضهم: لثن أنقص من عشائى لقمة أحب إلى من أن أقوم ليلة.
والأحوط أن يوتر قبل الثوم؛ فإنه لا يدرى مادا يحدث، وبعذ طهوره وسواكه عنده، ولا يدخل النوم إلا وهو على الطهارة، قال رسول الله : ("إذا نام العبد وهو على الطهارة عرج بروحه إلى العرش فكانت رؤياه صادقة، وإن لم ينم على الطهارة قصرت روحه عن البلوغ، فتكون المنامات أضغاث أحلام لا تصدق)) .
والمريد المتأهل إذا نام فى الفراش مع الزوجة ينتقض وضوءه باللمس، ولا يفوته بذلك فائدة الثوم على الطهارة ما لم يسترسل فى التذاذ النفس باللمس، ولا يعدم يقظة القلب؛ فأما إذا استرسل فى الالتذاذ وغفل فتتحجب الروح أيضا لمكان صلافته.
ومن الطهارة التى تثمر صدق الرؤيا: طهارة الباطن عن خدش الهوى وكدورة محية الدنيا، والتنزه عن أنجاس الغل والحقد والحسد، وقد ورد (امن آوى إلى فراشه لا يتوى ظلم أحد ولا يحقد على أحد غفر له ما اجترم)). وإذا طهرت النفس عن الرذائل: انجلت مرآة القلب وقايل اللوح المحفوظ فى النوم، وانتقشت فيه عجائب الغيب وغرائب الأنباء، ففى الصديقين من يكون له فى منامه مكالمة ومحادثة، فيأمره الله تعسالى وينهاه: ويفهمه فى المنام، يعرفه، ويكون موضع ما يفتح له فى نومه من الأمر والنهى كالأم والنهى الظاهر: يعصى الله تعالى إن أخل بهما، بل تكون هذه الأوامر آكد وأعظم وقعسا؛ لأن المخالفات الظاهرة تمحوها التوبة، والتائب من الذتب كمن لا ذنب له؛ وهذه أوامر خاصة تتعلق بحاله فيما بينه وبين الله تعالى؛ فإذا أخل بها يخشى أن ينقطع عليه طريق الإرادة، ويكون فى ذلك الرجوع عن الله، واستيجاب مقام المقت.
فان ابتلى العبد فى بعض الأحايين بكسل وفتور عزيمة من تجديد الطهارة عند النوم بعد الحدث: يمح أعضياءه بالماء مسخا حتى يخريح بهذا القدر عن زمرة الغافلين حيث تقاعد عن فعل المتيقظين، وهكذا إذا كسل عن القيام عقيب الانتباه يجهد أن يستاك ويمسح أعضاءه بالماء مسخا حتى يخرج فى تقلباته وانتباهاته عن زمرة الغافلين، ففى ذلك فضل كثير لمن كثر نومه وقل قيامه.
روى أن رسول الله كان يستاك فى كل ليلة مرادا عند كل نوم وعند الانتباه منه.
Page 171