Casr Nahda Muqaddima Qasira
عصر النهضة: مقدمة قصيرة جدا
Genres
هيا، يا مفيستوفيليس، لنتناقش مرة أخرى،
ولنتجادل عن التنجيم الإلهي.
تحدث، هل هناك نجوم وكواكب كثيرة فوق القمر؟
هل كل الأجرام السماوية مجرد كرة أرضية واحدة،
مثل جوهر هذه الأرض المركزية؟ (فاوستوس، في «دكتور فاوستوس»
لكريستوفر مارلو، عام 1592 تقريبا)
تعبر مسرحية «دكتور فاوستوس» للكاتب كريستوفر مارلو بصورة درامية عن الإثارة والخطر المرتبطين ببزوغ نجم العلم والتفكير التأملي في عصر النهضة. إن فاوستوس «منجم» علامة، وصل إلى أقصى حدود دراسة علم الفلك والتشريح والفلسفة. وفيما كان فاوستوس يسعى وراء قوى سحرية في الحياة للتغلب على الموت، فإنه يبيع نفسه للشيطان مفيستوفيليس. ورغم أنه يحصل على فرصة للتوبة، فإنه يرفضها. فهو مهتم أكثر بسؤال مفيستوفيليس عن موضوع «التنجيم الإلهي» المثير للجدل. وفي النهاية يلعن فاوستوس ويسقط إلى الجحيم؛ ولكن تفضيله للتعليم واحتقاره للدين أسر خيال العامة في أواخر عصر النهضة. ويلخص مصيره المخاوف الحديثة حول أخلاقيات التجارب العلمية. وأصبح هذا التناقض (التوق إلى المعرفة مع التساؤل: هل يمكننا أن نعرف أكثر مما ينبغي؟) بمثابة سمة للتغيرات التي طرأت على كل من العلوم المبسطة والعلوم التطبيقية التي حدثت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. فقد تغيرت علاقة الفرد بعقله وجسمه وبيئته، نتيجة التعاون العلمي المتجدد في سعيه وراء حل المشكلات بصورة عملية، وتبادل الأفكار بين الثقافات، وتأثير التكنولوجيات الجديدة.
من الكون الكبير إلى الكون الصغير
بمجرد أن باع فاوستوس روحه، طلب من مفيستوفيليس كتابا «يمكن أن أرى فيه كل شخصيات وكواكب السماوات». وكان كتاب «حول دوران الأجرام السماوية» للكاهن والفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس هو الكتاب الأكثر إثارة للجدل الذي كان باستطاعة فاوستوس الرجوع إليه. طبع كتاب كوبرنيكوس الثوري هذا للمرة الأولى في نورمبرج في مايو 1543، فأطاح بمعتقد العصور الوسطى القائل بأن الأرض تقع في مركز الكون. وقد أظهر تصور كوبرنيكوس للسماوات أن الأرض وسائر الكواكب الأخرى المعروفة تدور حول الشمس. وقد راجع كوبرنيكوس بمهارة عمل باحثي الفلك اليونانيين والعرب الكلاسيكيين، وكان يؤكد: «إنهم لم يحققوا هدفهم الذي نأمل أن نصل إليه بقبول حقيقة أن الأرض تتحرك.»
حاول كوبرنيكوس أن يحد من الأهمية الثورية لأفكاره بجعلها متوافقة مع تقليد علمي كلاسيكي. لكن الكنيسة الكاثوليكية شعرت بالذعر وأدانت الكتاب. فقد أطاحت حجة كوبرنيكوس بالمعتقد الإنجيلي بأن الأرض - والبشرية معها - تقف في مركز الكون. لقد كانت فكرة محررة لكن خطيرة.
Unknown page