لقد ذهبت الرأسمالية المطلقة إلى غير رجعة، ومنذ زمان ماركس حقق مذهب التدخل
Interventionism
الديمقراطي تقدما هائلا، وأدى تحسن إنتاجية العمل - وهو من نتائج تكدس رأس المال - إلى محو الفقر والشقاء.
إن مسير الأمور في بريطانيا، حيث كان بوبر يسطر كتابه، قد كذب نبوءات ماركس وإنجلز. فوفقا لتنظيرات إنجلز نجد أن الأمة الإنجليزية هي الأشد برجوازية بين جميع الأمم، وقد كان المتوقع، بحسب مذهب ماركس، هو أن نرى في إنجلترا استفحال الفقر والتوتر الطبقي الذي لا يزول إلا باندلاع الثورة البروليتارية اندلاعا عاجلا غير آجل. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث.
27
ومن الحق والإنصاف أن نقول إن جميع نبوءات ماركس تتعلق بالرأسمالية الطليقة؛ رأسمالية عدم التدخل، ولكن مذهب التدخل قد هون العواقب وخفف الأضرار وغير المسار وكذب توقعات ماركس. (15) تقييم نبوءة ماركس
لم تكن الأدلة التي أقام عليها ماركس نبوءته التاريخية أدلة صائبة. وقد فشلت محاولته البارعة لاستخلاص نتائج نبوئية من ملاحظاته للاتجاهات الاقتصادية التي عاصرها. لم يكن فشله بسبب قصور في الأساس الإمبيريقي لحجته. فرغم أن تحليلاته الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع المعاصر له كانت أحادية الجانب بعض الشيء، فقد كانت تحليلات ممتازة من الناحية الوصفية . إنما يرجع فشله كنبي إلى عقم المذهب التاريخي نفسه، إلى الحقيقة البسيطة القائلة بأننا حتى لو لاحظنا اليوم ما يظهر أنه اتجاه أو ميل تاريخي فما هو بإمكاننا أن نعرف إن كان هذا الميل سوف يتخذ نفس المظهر غدا.
وعلينا أن نعترف أن ماركس رأى أشياء كثيرة رؤية صحيحة. ويكفي أن نتأمل نبوءته بالنهاية القريبة للرأسمالية الطليقة كما عرفها. وقد كان ماركس مصيبا أيضا حين ذهب إلى أن الصراع الطبقي «وتضامن العمال» هو الذي سوف يبدل الرأسمالية الطليقة إلى نظام اقتصادي جديد. غير أننا لا يمكن أن نذهب أبعد من ذلك ونقول إنه تنبأ بنظام «التدخل»
Interventionism
تحت اسم آخر هو «الاشتراكية»
Unknown page