قال: «لا أحب أن أزعجك بذلك الشأن. في رأيي، تلك الفتاة مهووسة ولا تريد إلا أن تكون محط الأنظار. هي الآن تدعي أن السيدة التي وجدناها ليست هي السيدة الأصلية، التي لا تزال مفقودة حسب زعمها.»
قالت الآنسة فلود-بورتر بهدوء معلقة: «فلنأمل أن تكون هي السيدة المنشودة لمصلحتك. إن لم تكن، فستؤخرك في ترييستي، وستفوتك مواصلتك المتجهة إلى ميلان.»
وضعت السيدة بارنز يدها على عينيها وصاحت: «أوه، آمل ألا يحدث ذلك؛ فزوجي يتوق لإنهاء تلك الرحلة اللعينة، لكن على المرء أن يقوم بما يمليه عليه الواجب، أيا كانت العاقبة.»
عقبت الآنسة روز قائلة: «لكن ذلك الأمر لا طائل منه على الإطلاق. حسب وصفك، فتلك المعلمة المفقودة ليست بالفتاة الساذجة، بل هي مسافرة محنكة، وهي إما أنها تتوارى عن الأنظار وتتملص من الفتاة لسبب وجيه يخصها، أو أن ذلك كله محض هراء.»
علق البروفيسور وهو يصطحب السيدة بارنز إلى الممر قائلا: «هو بلا شك ذلك الأمر الأخير.»
في الممر قابلا القس الذي جاء يبحث عن زوجته.
صاحت السيدة بارنز وقد تهللت أساريرها: «هذا هو زوجي. هل اعتقدت أني هجرتك يا كين؟»
بينما وقفوا يتجاذبون أطراف الحديث، جلست آيريس تنتظر عودة هير ومعه النادل. لم يكن لديها أمل حقيقي بخصوص ذلك؛ فقد بدأت تنظر إلى جميع الموظفين باعتبارهم عرائس تحركها البارونة. هناك قوة غامضة تعمل على نطاق واسع، وهذا يربكها. والدليل على ذلك هو تلك المحتالة المريعة التي تجلس أمامها في زي الآنسة فروي. مع ذلك، لا يوجد تفسير لتلك الواقعة؛ إذ لا ترى أي دافع لتلك الحيلة غير المحكمة.
كل تفصيلة في هيئة المرأة تناظر بدقة الصورة التي تحتفظ بها للآنسة فروي في ذاكرتها، وبينما تحملق في الأزرار الزرقاء المصنوعة من العظم المألوفة لها، بدأ الشك الحقيقي يتسلل إلى ثقتها. وتساءلت في نفسها إن كانت بالفعل قد وقعت ضحية للهلاوس. القصة التي رواها هير عن رؤيته للأمير تثبت أن الهلاوس أمر ليس بالنادر.
كانت تشعر بإنهاك شديد جعلها ترى أن ذلك يكاد يكون هو أسهل حل لمشكلاتها. ففي النهاية، ستقصر جهدها على محاربة شبح المرض الذي يهددها باستمرار، دون أن تدخر منه شيئا للقلق الإضافي بشأن لغز الآنسة فروي الذي يصعب حله.
Unknown page