لكن، ما الذي فعلته الآنسة فروي المسكينة؟ كان هير محقا عندما قال إنه لا يعنيه سوى الدافع. إلى حد علم آيريس، أوفت الآنسة فروي بواجباتها بأمانة شديدة، حتى إن رب عملها الموقر شكرها بنفسه على الخدمات التي أدتها له.
فجأة شهقت آيريس بانفعال.
وقالت بصوت هامس: «ذلك هو السبب.»
كان من المفترض أن يكون الرجل البارز في كوخ صيده وقت وقوع الجريمة، لكن الآنسة فروي، والتي كانت مستلقية في فراشها دون أن تنام في غير كياسة، باغتته بخروجها من الحمام الوحيد بالقصر، حيث كان يغتسل قبل أن ينسل خارجا.
بهذا تكون قد أسقطت حجة غيابه.
فمعرفتها تلك ستمثل خطرا مؤكدا لأنها كانت ستعود كي تشتغل بالتدريس لأبناء قائد الحركة الشيوعية؛ فالجميع يعرف أنها تدمن الثرثرة والنميمة، وهي حتما ستفخر بحيازتها ثقة الرجل البارز، ولن تخفي ذلك. ولأنها مواطنة بريطانية - لا مأرب لها من وراء الأمر - سترجح كفة شهادتها في مقابل مجموع شهادات المعنيين.
عندما صافحها ذلك الرجل البارز بأدب جم، كان بذلك يسطر نهايتها.
تصورت آيريس الاجتماع العائلي الذي أجري عند مطلع الفجر، والاستدعاءات المستعجلة للحلفاء الضروريين. كانت الرسائل السرية تتناقل بهمهمة عبر الهواتف حتما. في ضوء ذلك الظرف الطارئ، تقرر بدافع الضرورة أن إسكات الآنسة فروي لا يمكن أن يكون جريمة كاملة.
حاولت كبت جماح خيالها. «ماكسميليان أو ماكس تتذكرينه. حبك لي قصة من خياله. كان يبالغ بالوقائع كي تلائم قصته. ربما أفعل الأمر نفسه. لا جدوى من القلق بشأن امرأة ربما لا وجود لها؛ ففي النهاية ربما تكون مجرد وهم كما يزعمون. أتمنى لو استطعت التيقن.» لم تكن قد نسيت اسمه منذ أن قال لها: «هير اسم طويل يصعب أن تتذكريه.»
تحققت أمنيتها تلك بأسلوب مثير. كان الجو داخل العربة قد صار خانقا، وتدريجيا تحول البخار المتجمع على زجاج النافذة إلى قطرات ماء بدأت تنساب لأسفل.
Unknown page