وبينما هم فيما تقدم من الحديث إذ سمعوا وقع أقدام في الغرفة المجاورة، ثم قرع الباب قرعا تعود الأمين سماعه من غلامه إذا جاء لمسارته في شأن، فنهض الفضل لفتح الباب، فأطل الغلام وظل واقفا بالباب، ففهم الأمين أنه يريد أن يلقي إليه بسر، وفهم جعفر والفضل ذلك.
فاستأذنا في الخروج فأذن لهما، ودخل الغلام فقال: «إن أحد رجال الشاكرية جاءنا الآن.» فعلم أنه رسول من عند والدته زبيدة؛ لأنها أول من اتخذ الشاكرية من الخدم، يترددون على الدواب إلى جهاتها، ويذهبون في حوائجها برسائلها وكتبها،
1
فقال: «وماذا يريد؟»
قال الغلام: «جاء ليدعوك إلى مولاتنا السيدة زبيدة؛ لأنها تحب أن تراك في صباح الغد لأمر هام.»
فقال: «قل له إني مصبح إليها باكرا إن شاء الله.»
فخرج الغلام. وكان الليل قد أسدل نقابه، فذهب كل إلى فراشه.
الفصل الرابع والثلاثون
زبيدة بنت جعفر
هي زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وابنة عم الرشيد أخي أبيه. تزوجها سنة 165ه. وهي تفاخر بنسبها الهاشمي سائر نساء الرشيد؛ لأنهن من أمهات الأولاد؛ ولذلك كانت عنده في المنزلة الأولى. وكانت جميلة الصورة، واسمها الأصلي أمة العزيز، فلقبها جدها المنصور زبيدة؛ لبضاضتها ونضارتها.
Unknown page