172

Bayn Qasrayn

بين القصرين

Genres

ثم ملتفتا صوب جميل الحمزاوي الذي كان يزن أرزا لزبون: لا تنس أن تهيئ لفة سيدنا الشيخ.

فجاء صوت جميل الحمزاوي قائلا: من ذا الذي ينسى سيدنا الشيخ!

فبسط الشيخ راحتيه، ورفع رأسه وهو يحرك شفتيه بالدعاء في هينمة لم يسمع منها إلا وسوسة متقطعة، ثم عاد إلى وضعه الأول، فصمت لحظة، ثم قال بلهجة الافتتاح: أبدأ بالصلاة على نور الهدى.

فقال السيد بحرارة: عليه أزكى الصلاة والسلام. - وأثني بالترحم على أبيك طيب الذكر. - رحمه الله رحمة واسعة. - ثم أسأل الله أن يقر عينيك بأسرتك وذريتك، وذرية ذريتك، وذرية ذرية ذريتك. - آمين.

متنهدا: وأدعوه أن يعيد إلينا أفندينا عباس ومحمد فريد وسعد زغلول. - اللهم استجب. - وأن يخرب بيت الإنجليز بما أثموا وبما يأثمون. - سبحان المنتقم الجبار.

عند ذاك تنحنح الشيخ، ومسح على وجهه بكفه، ثم قال: أما بعد فقد رأيتك في منامي تلوح بيديك، فما فتحت عيني حتى صح عزمي على زيارتك.

فابتسم السيد ابتسامة لا تخلو من حزن، وقال: لا أعجب لذلك، فإني في مسيس الحاجة إلى بركتك، زادك الله بركة على بركة.

فمال وجه الشيخ نحو السيد في عطف وتساءل: أحق ما بلغني عن حادث بوابة الفتوح؟

فأجاب السيد مبتسما: نعم ... من أبلغك يا ترى؟ - كنت مارا بمعصرة حميدو غنيم، فاستوقفني وقال لي: «ألم يبلغك ما فعل الإنجليز بحبيبك السيد أحمد وبي؟» فاستوضحته منزعجا فقص علي العجب العجاب ... قص عليه السيد الحادث بتفاصيله، لم يكن يمل ترديده، ولعله قصه في الأيام القلائل الأخيرة عشرات المرات.

وأصغى الشيخ وهو يتلو همسا آية الكرسي: أفزعت يا بني؟ كيف كان فزعك ... خبرني ... لا حول ولا قوة إلا بالله ... ولكن هل قنعت بالسلامة؟ ... أنسيت أن الفزع لا يمضي إلى حال سبيله؟ ... صليت طويلا وسألت الله النجاة! هذا جميل ولكن يلزمك حجاب. - كيف لا!

Unknown page