وها هو المستر جرادجرايند، في نفس اليوم، وفي نفس الساعة، جالس في حجرته يفكر: كم من مستقبل رأى؟ هل رأى نفسه رجلا عجوزا ضعيفا، أشيب الشعر، ما عاد عضوا هاما في البرلمان في لندن؟
سيترك هذا الرجل نظرياته الصعبة، ويصير أكثر لينا. ستضيع حقائقه وأرقامه، في الإيمان والأمل والمحبة.
وها هي لويزا، في ليلة ذلك اليوم نفسه، تلاحظ النار في الوطيس، كما اعتادت أن تلاحظها منذ سنوات طوال، في أيام طفولتها، إلا أن وجهها صار أكثر رقة، ولم تعد متكبرة مثلما كانت. يمكنها أن ترى الملصقات الآن، موقعا عليها باسم والدها، تعلن براءة ستيفن بلاكبول النساج، وإدانة ابنه، هو نفسه، أخيها. استطاعت لويزا أن ترى هذه الأشياء بوضوح. ولكن، كم من مستقبل؟
مرضت عاملة، اسمها راشيل، لمدة طويلة ولكنها حلوة الطباع وهادئة ومرحة، وهي وحدها التي تعطف بعد ذلك، انضمت إلى عاملات كوكتاون. إنها امرأة ذات جمال مفكر. كانت ترتدي ثياب الحداد باستمرار، ولكنها حلوة الطباع وهادئة ومرحة، وهي وحدها التي تعطف على سيدة فقيرة عجوز، هي زوجة ستيفن بلاكبول، التي تظهر من آن إلى آخر، وقد عبت الكثير من الخمر، فهل رأت لويزا ذلك؟ لا بد من حدوث أمثال هذه الأمور.
صارت راشيل نفسها زوجة، وأم أطفال ترعى أولادها بمحبة. فهل رأت لويزا ذلك أيضا؟ لن يكون لها مثل ذلك الشيء.
ولكن أطفال سيسي السعيدة، السعداء يحبون أمهم حبا جما ويحبون لويزا، التي تحب طبيعة الأطفال وتتفهمهم وتساعدهم على أن يشبوا، ليس كالآلات، وإنما كمخلوقات بشرية مفكرة. هل رأت لويزا أمثال هذه الأشياء؟ ستحدث أمثال هذه الأشياء.
Unknown page