Asliha Nawawiyya Muqaddima Qasira
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
عين الجمهوريون لجنة مستقلة في نوفمبر 1996 من أجل «تقييم تهديد الصواريخ البالستية». وقد أكد الملخص التنفيذي للجنة التي وضعت تحت رئاسة ديفيد رامسفيلد - الذي سيصير مستقبلا وزيرا للدفاع - على أن: «الدول المزودة حديثا بصواريخ بالستية [كوريا الشمالية وإيران والعراق] ... ستكون قادرة على إيقاع دمار كبير بالولايات المتحدة في غضون خمس سنوات من اتخاذ قرار بامتلاك مثل هذه القدرات (عشر سنوات في حالة العراق).» وقد زعم أن كوريا الشمالية وإيران - اللتين رأت اللجنة أنهما تطوران أسلحة دمار شامل - وضعتا «أولوية كبيرة لتهديد الأراضي الأمريكية، وكل دولة من الدولتين تطور حاليا قدرات صاروخية بالستية متقدمة بهدف تهديد الأراضي الأمريكية على نحو مباشر».
لكن جريج ثيلمان - العضو السابق بمكتب الاستخبارات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية - يرى أن «رأي رامسفيلد بشأن الصواريخ البالستية كثيرا ما تجاهل الآراء المدروسة بعناية للمتخصصين [الاستخباراتيين] لصالح السيناريوهات الأكثر تشاؤما التي افترضت وجود تهديد وشيك للولايات المتحدة وحثت على الاستجابة بصورة عسكرية، لا دبلوماسية.» ولم يكن هذا بالأمر المفاجئ.
جورج بوش الابن ونشر الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية
تعهد جورج دبليو بوش (جورج بوش الابن) - بعد وقت قصير من اعتلائه سدة الرئاسة في يناير 2001 - بالوفاء بالوعد الذي قدمه في حملته الانتخابية الخاص بالسعي على نحو نشط إلى نشر منظومة دفاعية صاروخية بطول البلاد. وبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية أصر بوش على أن المنظومة الدفاعية الصاروخية كانت أمرا ضروريا لأمن الولايات المتحدة. ولإزالة أي قيود على عمليات بحث الدفعات الصاروخية وتطويرها واختبارها؛ أعلن بوش في الثالث عشر من ديسمبر 2001 أن الولايات المتحدة قد منحت موسكو إشعارا بنيتها الانسحاب بعد ستة أشهر من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية لعام 1972.
بعدها بعام - في ديسمبر 2002 - أمر الرئيس بوش وزارة الدفاع بنشر العناصر الأولية لمنظومة دفاعية صاروخية استراتيجية. تضمنت عملية النشر المتواضعة عشرين صاروخا اعتراضيا دفاعيا لمنتصف المسار ذات قاعدة أرضية وعشرين صاروخا اعتراضيا دفاعيا تابعا للنظام أيجيس المضاد للصواريخ البالستية ذات قاعدة بحرية محمولة على ثلاث سفن. أيضا تضمنت المنظومة كمية غير محددة من صواريخ باتريوت بي إيه سي 3 ومنظومة رادارية محدثة للمساعدة في تحديد مواقع الأهداف المحتملة. كان الهدف من الصواريخ باتريوت بي إيه سي 3 والصواريخ الاعتراضية ذات القاعدة البحرية حماية الولايات المتحدة من الصواريخ البالستية قصيرة المدى ومتوسطة المدى، أما الصواريخ الاعتراضية الدفاعية العشرون لمنتصف المسار - يوضع ستة عشر منها في ألاسكا وأربعة في قاعدة فاندنبرج الجوية - فقد كانت الوحيدة المصممة للحماية من الصواريخ البالستية طويلة المدى. وقد تفهم المراقبون المطلعون جيدا أن اختبارات الاعتراض الخاصة بالصواريخ الاعتراضية لمنتصف المسار البدائية كانت مصممة بعناية بحيث تطرح تحديات متواضعة، وحتى «الناجح» من هذه الصواريخ لم يعمل في بيئة تقارب الظروف الفعلية. وبدا أنه يتعين الانتظار لسنوات حتى الحصول على منظومة صاروخية مضادة للصواريخ البالستية يمكن الاعتماد عليها.
اعتبارات أخرى
من ضمن العديد من الاعتبارات المتبقية المثيرة للنقاش ثمة ثلاثة أسئلة تستحق المزيد من التعليق؛ وهي: (1) هل ستوفر المنظومة الدفاعية الصاروخية الدفاع الأمثل ضد الدول المارقة والإرهابيين؟ (2) هل المشايعة الحزبية السياسية التي وقفت خلف قرار نشر المنظومة صارت التزاما مبنيا على الإيمان؟ (3) كم ستتكلف الدفاعات الصاروخية؟
يتفق أغلب الأمريكيين على أن امتلاك دفاع صاروخي فعال أمر مستحسن، لكن العديد من المتشككين قلقون من أن النشر المتهور لمنظومات غير مثبت فعاليتها، وبتكاليف كبيرة، يمكن أن يجعلنا نعجز عن تحقيق غطاء الحماية المنشود. وقد رأى العديد من المحللين أنه في ضوء الترسانة النووية الضخمة التي تتمتع بها الولايات المتحدة وقدرتها العظيمة على ضرب أي مكان حول العالم بهذه الأسلحة، فإنه ما من دولة ستسمح بإطلاق أي صواريخ بالستية من أراضيها؛ لأن مثل هذا العمل العدائي من شأنه أن يؤدي إلى رد انتقامي أمريكي وتدمير الدولة المعتدية.
ويرى هؤلاء المتخصصون أن التهديد الأكثر ترجيحا أن تتعرض له الولايات المتحدة إنما يتمثل في أن يستعين إرهابيون أجانب - إذا ما اختاروا استخدام سلاح للدمار الشامل - بسفينة أو شاحنة من أجل حمل هذا السلاح إلى داخل الولايات المتحدة، وليس صاروخا بالستيا طويل المدى؛ ذلك أن هذه الصواريخ من المعقد بناؤها ونشرها وإطلاقها بدقة. وعلى هذا فإن أعظم تهديد يواجه الولايات المتحدة - حسب كلمات أحد المعلقين - ليس من جانب الدول المارقة، وإنما الأفراد المارقين الذين لا يعملون انطلاقا من دولة بعينها.
منذ خطاب ريجان الحماسي الذي أعلن فيه عن مبادرة الدفاع الاستراتيجي، من الممكن إرجاع المناقشات الحامية والمطالبات بالنشر الفوري لدرع صاروخي إلى البيئة السياسية المحلية. فالجمهوريون المعروفون ب «المحافظين» صاروا يطالبون على نحو متزايد بإلغاء معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية لعام 1972 ونشر منظومة مضادة للصواريخ. وهذا الالتزام صار أشبه بالعقيدة، وظهر في الوثائق الرسمية للحزب، ولم يقبل بأي تنازلات تقريبا. علاوة على ذلك، لم تكترث مطالبات الجمهوريين بنشر هذه المنظومة بالإجراءات المثبتة صحتها على مر فترة من الزمن والخاصة بنشر منظومات الأسلحة، أو بالمخاوف المتعلقة بمواطن القصور التكنولوجية التي تشوب المنظومات المضادة للصواريخ، أو للتكاليف المادية، أو لتأثير نشر هذه المنظومات على الاعتبارات الأوسع للسياسة الخارجية.
Unknown page